جاز إجراء حكمه
عليه لكن الكلام في التّمسّك بنفس العموم مع قطع النّظر عن شيء آخر هذا هو الحقّ
الحقيق بالتّصديق وقد وقع عن جماعة ما ينافي ذلك فمنه ما قيل إنّ العام ظاهر في كل
فرد من الأفراد فإخراج كل واحد محتاج إلى مخصّص فإذا كان المخصّص مجملا فبالنّسبة
إلى ما علم تخصيصه له نأخذ به لا بالنّسبة إلى ما لا يعلم وذلك نظير خطابين عامين
ومخصّص مجمل علم كونه مخصّصا لأحدهما دون الآخر فذلك لا يوجب إجمال الآخر وفيه أنّ
ذلك إنما يتمّ لو قلنا بأن العام ظاهر في كل فرد ظهورا غير ظهوره في الفرد الآخر
وليس كذلك بل العام ظاهر بظهور واحد في الجميع فإذا خصّص ارتفع هذا الظهور وصار
ظاهرا في تمام الباقي فإذا كان المخصّص مجملا كان الباقي غير معلوم فلا معنى
للتّمسّك بالظّهور والقياس بالخطابات المتعدّدة قياس مع الفارق لتعدد الظهور هناك
بخلاف العام بالنّسبة إلى الأفراد ومنه ما يظهر من بعضهم من أنّ عنوان العام مقتض
للحكم وعنوان الخاصّ مانع فإذا أحرز المقتضي وشكّ في المانع نفي بالأصل فإذا علم
علم زيد وشكّ في فسقه ارتفع بالأصل ويظهر ذلك من الشّهيد الثّاني رحمهالله حيث حكم بقتل الخنثى لو ارتد عملا بعموم قوله من ارتد عن دينه فاقتلوه للشّكّ
في وجود المانع أي الأنوثيّة ومن المحقّق الكركي حيث حكم بلزوم العقد المشتبه
المردّد بين العقد الجائز واللاّزم عملا بعموم قوله أوفوا بالعقود وفيه أولا أن
عنوان العام لا دليل على كونه مقتضيا لجواز أن يكون المقتضي مختلفا بالنّسبة إلى
كلّ فرد ولكن لمّا كان العنوان العام جامعا لتلك الأفراد جعله موضوعا للحكم كما لو
قال أكرم من في الدار فإنّ الكون في الدار ليس مقتضيا للإكرام بل المقتضي كونهم
ضيفه أو صديقه أو كليهما وغير ذلك ولذا ذكروا أن تعليق الحكم على الوصف مشعر
بالعليّة وليس إلى حدّ الدلالة المعتبرة وثانيا أنّ كون الخاص مانعا ممنوع إذ لعلّ
العنوان المناقض لعنوان الخاصّ كالعدالة في المثال المذكور يكون شرطا لاقتضاء
المقتضي فقبل إحراز وجوده لا معنى للتّمسّك بوجود المقتضي وثالثا أنه على فرض
تسليم جميع ذلك لا نسلّم جواز نفي المانع بالأصل كليّة إذ قد لا يكون المانع
مسبوقا بالعدم ورابعا أنّ موضع الكلام هو إذا لم يمكن تعيين عنوان الخاصّ أو عدمه
بالأصل والنزاع إنّما هو في جواز التّمسّك بالعام نفسه وقد علم عدم جوازه
فالتّمسّك بأصالة عدم المانع خروج عن موضع النزاع فتأمّل ومنه ما ذكره شريف
العلماء بيانا للثّمرة بين القول بأنّ العام المخصّص حقيقة بأن يكون مستعملا في
العموم ويكون الإخراج من الحكم والقول بأنه مجاز بأن يكون مستعملا في الباقي
وحاصله أنه لو كان حقيقة أمكن التّمسّك بأصالة عدم إخراج الأكثر إذا كان المخصّص
مجملا مردّدا بين الأقل والأكثر فيحكم بشمول الحكم للفرد المشكوك إذ العام مستعمل
في العموم ومقتضي نسبة الحكم إليه نسبته إلى جميع أفراده حقيقة فإذا تحقق المخرج