الأمور غير مفهوم الطلب ولا في أنّ من شأنها أن تؤخذ من الشّارع ولا في أنّ هناك خطابات في الشّرع متعلقة ببيان هذه الأمور بل النّزاع إنّما هو في أنّها منجعلة تبعا لجعل الأحكام التّكليفيّة أو لا بل هي مجعولة أصالة فقيل بالأوّل لوجوب جعل التّكليف عقلا وشرعا وهذه الأمور تنجعل قهرا بجعل التّكاليف الواقع على أنحاء شتى من إطلاق الطلب وتعليقه على حال أو وصف أو زمان وإطلاق المطلوب أو تقييده بوجود شيء أو عدم شيء أو كونه بسيطا أو مركبا فينتزع الشّرطيّة والمانعيّة والسّببيّة للطلب من تعليق الطلب معلقا للمطلوب بتعليق الطلب بأمر مع اعتبار التّقييد بما ذكر والجزئيّة بتعلقه بأمر مركب وإذا انجعلت قهرا فلا وجه لجعلها مستقلا فإنّه تحصيل للحاصل مع أنّا لا نتعقل من إنشاء شرطيّة شيء للطلب إلاّ إنشاء الطّلب عند حصوله وكذا من شرطيّته للمطلوب إلاّ إنشاء طلب وارد على أمر مقيد وكذا البواقي مضافا إلى ملاحظة العرف والعادة فإنّا نراهم لاحظون في خطاباتهم وإنشاءاتهم إلاّ أمورا تكليفيّة ينجعل بها هذه الأمور تبعا نعم بعض تلك الأمور خارجيّة مستأصلة لا مدخل لإنشاء الشّرع فيها لكن لما كان وجودها وأسبابها الواقعيّة ربما يخفى على المكلفين بينها لهم الشّرع كالحدث والطهارة وأسباب الملك والزّوجيّة ونحو ذلك فليس فيها إنشاء من الشّرع أصلا حتى يكون طلبا أو أمرا آخر وقيل بالثّاني نظرا إلى ثبوت الوضعيّات في موارد انتفاء التّكليفي فإنّ الصّغير إذا بال يكون محدثا إذا تلف مال غيره فهو له ضامن وإذا باع له الولي صار مالكا ولا تكليف بالنّسبة إليه وأجيب بأنّها أيضا منتزعة من التّكاليف غاية الأمر عدم تعلقها بالصّبي وهو غير قادح إذ يكفي انجعالها بتعلق التّكليف بالولي بأداء قيمة المال المتلف من أمواله وحفظ الثّمن له أو بتعلقه بالصّبي بعد البلوغ فإنّه لما دل الخطاب التّكليفي على أنّ البالغ الّذي بال قبل بلوغه يجب عليه الوضوء انتزع منه أنّ الصّبي يكون محدثا بالبول وهكذا وأمّا الملكيّة فهي من الأمور الواقعيّة كما سبق ويمكن دعوى ذلك في مثل الحدث والضّمان أيضا على إشكال في الأخير أقول إن أراد القائل بالانتزاع أنّها منتزعة من نفس التّكاليف فباطل جدا لأنّ الشّرطيّة غير الوجوب مفهوما وذاتا وإنّما أمر منتزع من تعليق الوجوب أو تقييد الواجب والأوّل حاصل مع الوجوب والثّاني قبله لاعتباره في متعلقه والتّعليق والتّقييد اعتباران حادثان زائدان على نفس الوجوب فإن أراد القائل بالجعل الأصلي هذا المعنى فهو الحق الّذي لا مناص عنه وإن أراد أنها أمور ملحوظة بمفاهيم مستقلة مجعولة فهو غير لازم قيل ويظهر الثّمرة عند الشّك في الشّرطيّة والجزئيّة فعلى القول بالجعل المستقل يجري أصالة عدمه وعلى القول بالتبعيّة يرجع الشّكّ إلى تعلق الطلب بالمطلق أو بالمقيد وبالبسيط أو المركب ولا يتعين شيء منهما بالأصل أقول ويظهر من ذلك قوة القول بالاستقلال بالوجه الّذي قررناه لأن أصالة عدم التّقييد من الأصول الاتفاقيّة ويلزم على القول