لا يدلّ على حقيقية الثّاني كما هو المطلوب نعم لو علم أن المعنى الحرفي مترادف مع المعنى الاسمي في غير جهة الاستقلال وعدمه لصحّ ذلك كما لو علمنا أن معنى كلمة من هو معنى الابتداء إلاّ أنّه مستقل وهذا غير مستقلّ وحينئذ فلو شككنا في أن استعمال كلمة من في ابتداء الزمان حقيقة أو مجاز لصح الاستدلال بعدم صحة سلب الابتداء عن ابتداء الزّمان فيعلم بانضمام المقدّمة الخارجيّة وهي التّرادف أن كلمة من أيضا حقيقة فيه فليتدبّر
ومنها الاطراد وعدمه
واختلف في ذلك على أقوال فقيل بأنّ الاطراد علامة الحقيقة وعدمه علامة المجاز ولازم هذا القول تساوي الاطراد مع الوضع وقيل بأن الاطراد أعمّ من الحقيقة لوجوده في المجاز وعدمه أعمّ من المجاز لوجوده في الحقيقة فليس شيء منها دليلا وقيل إنّ الاطراد أعمّ وعدم الاطراد غير موجود بل جميع المجازات مطردة وقيل الاطراد أعمّ وعدم الاطراد خاصّ بالمجاز فيثبت به المجازية ولا يثبت الوضع بالاطراد فهناك أقوال أربعة والحق هو الأخير وتحقيق الحقّ يتوقّف على تمهيد مقدّمة فنقول الاطراد عبارة عن عموم صحة استعمال اللّفظ في المعنى وبعبارة أخرى أن يكون استعمال في المعنى غير مختص ببعض الموارد بأن لا يختلف باختلاف الموارد كما يصحّ استعمال زيد في مسمّاه في جميع الموارد إنشاء وإخبارا أمرا ونهيا وهكذا سواء كان اختلاف الموارد موجبا لتكثّر المعنى حقيقة أو لا فالأوّل كالنخلة في الطّويل فإنّ اختلاف موارد استعماله يوجب اختلاف حقيقة الطّويل فإنه قد يلاحظ بالنّسبة إلى الإنسان الطّويل وقد يلاحظ بالنّسبة إلى الجبل والحائط الطّويلين وحقيقة الطّول الحاصل في الإنسان غير الحاصل في الجبل حيث يلاحظ فيه القطر والعرض الخاص والثّاني كالرقبة في الإنسان فإن اختلاف موارد استعماله إنما هو باختلاف الأحكام كما يقال أعتق الرّقبة أو اضرب الرّقبة أو جاء الرّقبة فإن الرّقبة واحدة وإنما المختلف أحكامه المتعلّقة بها والاطراد عبارة عن صحّة استعماله في جميع الموارد سواء كان اختلاف الموارد موجبا لتكثر المعنى أو لا وعدمه عبارة عن عدم صحة ذلك بأن كان استعماله في بعضها صحيحا دون بعض أعمّ من أن يكون الاختلاف سببا لتكثّر المعنى أو لا هذا والفرق بين الاطراد والاستقراء ظاهر إذا الاستقراء عبارة عن الحكم على جملة بما وجد في جزئيّاتها وذلك يتصور بوجهين أحدهما أنا نرى لفظ ضارب مثلا مستعملا في من قام به الضّرب ونعلم أنّه موضوع له لكن نشكّ في أنّه لوحظ تفصيلا بمادته الخاصّة ووضع له اللّفظ أو لا بل لوحظ إجمالا في ضمن قضيّة كليّة هي آلة لملاحظة الجزئيات أعني كلّ ما كان على زنة فاعل لكلّ من تلبس بالمبدإ فنثبت بالاستقراء أن الملاحظ هو الكلّيّة لا خصوص المواد وحينئذ فالوضع عام والموضوع