فلا تدل الآية على وجوب حصول الحذر مطلقا بل يكون احتمال حصوله بحصول العلم وفقد الموانع غاية للإنذار الواجب كما أنّ احتمال حصول العلم للحاكم بقول الشّاهد الواحد يكفي في وجوب الإقامة عليه هذا مع عدم اطراد إتيان لعل بمعنى كي التّعليليّة أو بمعنى الطلب حتى في كلام الله تعالى لانتقاض الأوّل بقوله تعالى وما يدريك لعله يزكى والثّاني بقوله تعالى وما يدريك لعل السّاعة قريب بل الأوّل به أيضا وإنّما المناسب فيهما هو المعنى الّذي ذكرنا الثّالث أنّ المراد بالتفقّه هو استعلام الأحكام الواقعيّة الثّابتة في الشّريعة فيكون المراد من أنّ الإنذار تبليغ تلك الأحكام الواقعيّة والمراد بالحذر العمل بتلك الأحكام الواقعيّة المستعملة المنقولة فإذا لم يعلم المنقول له أنّ ذلك إنذار بالحكم الواقعي لم يجب العمل عليه ولا يعلم ذلك إلاّ بعد العلم بصدق المخبر والحاصل أنّ الغرض من الآية وجوب العمل بالأحكام الواقعيّة لا وجوب العمل بكل ما يقال إنّه الحكم الواقعي ليثبت حجّيّة الخبر الرّابع أنّ الإنذار هو الإبلاغ مع التّخويف والحذر هو التّخويف الحاصل بعد التّخويف ولا ريب أنّ التّخوف عند التّخويف لا يجب إلاّ على المقلد عند إنذار المجتهد وأمّا المجتهد فلا يجب عليه التّخوف بمحض تخويف الراوي بل يجب عليه ملاحظة معنى الرّواية وأنّها دالة على ما يوجب الخوف أو لا فإيجاب التّخوف بمحض التّخويف قرينة على إرادة وجوب التّقليد على العامي لا على وجوب تصديق الراوي على المجتهد ويشهد له استدلالهم بالآية على حجّيّة الفتوى على المقلد والجواب عن الأوّل منع انحصار التّفقه في الاستنباط الظّني بل استعلام الخبر تفقه ونقله إنذار بل لم يكن التّفقه والإنذار في زمان النّبي صلىاللهعليهوآله إلاّ بهذا الطريق كما لا يخفى وعن الثّاني أنّ الظّاهر من الآية هو كون الحذر مطلوبا عقيب الإنذار ومقتضاه كون الإنذار علة مستقلة لطلب الحذر من غير واسطة شيء ولو توقف طلبه على حصول العلم بالإنذار لكان المعنى لينذروا قومهم لعلهم يعلمون فيحذرون وهو خلاف الظّاهر المتبادر من الآية عرفا واحتمال كون التّرديد من جهة انتفاء المقتضي في بعض الأوقات خلاف الظّاهر ولا يعتنى به عرفا وعن الثّالث أنّ كون التّفقه هو استعلام الواقع مسلم لكن وجوب كون الإنذار بنفس الواقع ممنوع بل يجب الإنذار ربما اعتقده واقعا لأنّ التّكليف بالإنذار بنفس الواقع تكليف بما لا يطاق لعدم تميز الاعتقاد المطابق للواقع عن غير المطابق في نظر المعتقد فتكليفه بالإنذار بخصوص المطابق غير جائز فليس المطلوب إلاّ الإنذار بما يعتقده المنذر بالكسر أنّه الواقع والمفروض وجوب الحذر والعمل بتلك الأحكام الّتي وقع بها الإنذار فإذا تفقه الشّخص واعتقد حكما هو الحكم الواقعي فأنذر به وجب على المنذر بالفتح العمل بذلك المعتقد لأنّه الحكم المنذر فلا يشترط فيه علمه بكونه الحكم الواقعي نعم يعتبر علمه بكونه هو الحكم المعتقد للمتكلم وهو يحصل من نفس إخباره عادة فتأمل وعن الرّابع أنّ الإنذار يصدق بنقل ألفاظ الخبر الدّال على التّكليف وإن استند الخوف إلى فهم نفس المنذر بالفتح لا يجب في صدقه كون الخوف مستندا إلى فهم المنذر بالكسر