حجّيّة الخبر الواحد الظّني فإذا اقتضى حجّيّة الخبر المظنون الصّدور أو المعتمد الصّدور مثلا فبالرّجوع إلى قول علماء الرّجال يحصل الاعتماد أو الظّن ولهذا يعمل به وحينئذ فلا بأس بالأخذ بقول أرباب الكتب في الحكم بصحتها إذا استلزم الاعتماد أو الظّن بالصّدور ولا كلام في ذلك إنّما الكلام في جعل نفس شهادتهم دليل على قطعيّة الخبر صدورا واعتبارا وقد عرفت فساده بما لا مزيّة عليه هذا تمام الكلام على ما ادعته الأخباريّة من قطعيّة الأخبار سندا وأمّا ما ادعوه من قطعيّتها دلالة فيدل على فساده أنّ المقصود من أهل هذا الزّمان هو العمل بما كان ظاهرا في العصر الأوّل لا ما هو الظّاهر عندهم وإن قلنا بشمول الخطاب لغير المشافهين وذلك لأنّ المقصود من الخطاب لا يمكن أن يكون بالنّسبة إلى كل شخص ما هو الظّاهر عنده لعدم جواز استعمال اللّفظ في أكثر من معنى واحد ولأدلة اشتراك الكل في التّكاليف ولا يجوز أن يكون المراد من الحاضرين ما هو الظّاهر عند المعدومين وهو بديهي فتعين أن يكون المراد من الجميع ما هو الظّاهر عند الحاضرين ولا ريب في أنّ تشخيصه بالنّسبة إلى هذا الزّمان يحتاج إلى إعمال ظنون شيء كالتبادر والرّجوع إلى اللّغويين في إثبات أصل الظّاهر ثم إثبات إرادته من الحاضرين بأصالة عدم القرينة وليس شيء من ذلك مما يفيد القطع ولا ينفع المقدمة المتقدمة من قبح الخطاب بما له ظاهر وإرادة خلافه من غير قرينة في إثبات قطعيّة إرادة ما هو الظّاهر عندنا لما بينا من أنّ المراد منا ما هو الظّاهر عند المشافهين ولا يمكن تشخيصه إلاّ بالظّنّ فثبت أن مدعي انفتاح باب العلم في هذا الزّمان مكابر في دعواه بل يقول كلاما من غير قصد إلى معناه فلنعطف عنان القلم نحو إثبات حجّيّة الخبر بناء على عدم قطعيّة الصّدور فإنّه ميدان المسابقة والمصارعة ومضمار المبارزة والمقارعة فنقول وبالله التّوفيق إنّ بعض الأخباريين لما تفطن لفساد دعوى قطعيّة الأخبار حاول تأويل كلماتهم بما يدفع الطّعن عنهم فقال إنّ مرادنا يكون الأخبار معلوم الصّدور العلم العادي الّذي هو المعتبر في الشّرعيات وهو ما كان احتمال الخلاف فيه في غاية الضّعف بحيث لا يوجب تزلزل النّفس واضطرابه ويقابله العلم العقلي الّذي لا يحتمل فيه الخلاف أصلا ووافقه بعض الأصوليين في دعوى القطعيّة بهذا المعنى إلاّ أنّه فسر العلم العادي بما يجوز فيه الخلاف لا ما يحتمل فيه الخلاف وفرق بعضهم بين الوجهين بأنّ تجويز الخلاف معناه الإمكان بمعنى أنّه لا يلزم من فرض خلافه محال بخلاف العلم العقلي البرهاني فإنّه ما يلزم من فرض خلافه المحال وكلاهما مشترك في اعتبار الجزم وعدم احتمال الخلاف وهذا بخلاف ما لو فسر بما يحتمل فيه الخلاف ضعيفا والتّحقيق أنّ العلم عبارة عن الجزم الّذي لا يحتمل فيه الخلاف أصلا و