مع مرور النّاس بين يدي المصلي فقد روى نفس البأس فيه معللا بأنّ الّذي يصلى له أقرب إليه من حبل الوريد ثم اتصلت هذه العلة بالمجهولين والانقطاع فمن عمل بها نظرا إلى عموم العلة في تلك الأخبار الّتي هي قرينة صدق هذا الخبر لم يكن مخطأ لكن يجب عليه أن يعتقد أنّ الأصل الّذي ينبغي البناء عليه هو النّهي للأخبار المتضمنة له وأنّ الإذن رخصة وحاصله حمل أخبار النّهي على الكراهة والحاصل أنّه يظهر من كلمات هذه الشّيوخ الأجلة أنّهم كانوا يعتمدون في قبول الأخبار على ما لا يحصل منه العلم عادة ويقدحون في بعضها بما لا يكون انتفاؤه موجبا لحصول العلم ككون الراوي مجهولا مثلا فإنّ معنى كونه قادحا أنّه لو لم يكن مجهولا كان مقبولا ومن المعلوم أنّ معلوميّة الراوي لا يوجب حصول العلم من قوله هذا مع أنّ المشايخ كثيرا ما يطعن بعضهم على ما عمل به الآخر فلا يمكن كونه مقطوعا به عندهما معا ألا ترى أنّ الصّدوق رحمهالله أورد في كتاب الصّوم في باب النّوادر الأحاديث الدّالة على أنّ شهر رمضان لا ينقص أبدا مثل رواية حذيفة بن منصور بطريقين ورواية محمد بن إسماعيل عن محمد بن يعقوب بن شعيب عن أبيه ثم قال من خالف هذه الأخبار وذهب إلى الأخبار الموافقة للعامة اتقى كما يتقى من العامة مع أنّ الشّيخ بالغ في الطّعن على حديث حذيفة بأنّه لا يصح العمل به من وجوه أحدها أنّ متن هذا الحديث لا يوجد في شيء من الأصول المصنّفة وإنّما هو موجود في شواذ من الأخبار ومنها أنّ كتاب حذيفة عرى عنه والكتاب مشهور معروف ولو كان هذا الحديث صحيحا لضمنه كتابه ومنها أنّ هذا الخبر مختلف الألفاظ مضطرب المعاني ألا ترى أنّ حذيفة تارة يرويه عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله عليهالسلام وتارة عن أبي عبد الله عليهالسلام بلا واسطة وتارة يفتي به من قبل نفسه وهذا الضّرب من الاختلاف مما يضعف الاعتراض به والتّعلق بمثله ومنها أنّه لو سلم من جميع ما ذكرناه لكان خبرا واحدا لا يوجب علما ولا عملا إلى آخره والشّيخ المفيد طعن على رواية حذيفة بالشذوذ وعلى رواية محمد بن إسماعيل عن محمد بن يعقوب بالشذوذ أيضا بأنّ محمد بن يعقوب لم يرو عن أبيه حديثا غير الحديث وبأنّ ليعقوب هذا أصلا قد جمع فيه جميع ما رواه عن الصّادق عليهالسلام ليس هذا الحديث منه وعلى رواية محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه الّتي فيها أنّه لا يكون فريضة ناقصة إنّ الله يقول ولتكملوا العدة ولتكبروا الله بأنّها شاذة مجهول الأسناد مع أنّها مخالفة للكتاب والسّنة وإجماع الأمّة ولا يصح على حساب ملي أو ذمي ولا مسلم أو منجم ومن عول على مثل هذا الحديث في فرائض الله تعالى فقد ضل ضلالا بعيدا وبعده فالكلام الّذي فيه بعد ليس من كلام العلماء فضلا عن أئمة الهدى عليهمالسلام لأنّه قال فيه لا يكون فريضة ناقصة وهذا مما لا معنى له لأنّ الفريضة بحسب ما أديت على التّثقيل والتّخفيف لم تكن ناقصة انتهى ملخصا وما ذكره الشّيخ في آخر كلامه من أنّه خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا ولا يجوز أن يعارض