تدوينها ونشرها
وحفظها لتكون مرجعا لمن يأتي بعدهم حذرا من تضييع من في الأصلاب هذا مع أنّ جملة
من تلك الأصول قد عرضت على الأئمة عليهمالسلام فصححوها فما ورد من الكذب والوضع والدّسيسة لا يقدح في
القطعيّة لأنّها إنّما كانت قبل النّقد والانتخاب كيف وقد كان الأصحاب شكر الله
تعالى سعيهم من زمان الصّادقين عليهالسلام إلى زمان أرباب الكتب مما يقرب من ثلاثمائة سنة في غاية
الاهتمام في تنقيح الأخبار وتهذيبها وحفظها حتى حكي أنّ محمد بن مسلم حفظ ثلاثين
ألف حديثا عن الباقر عليهالسلام وستة عشر ألفا عن الصّادق عليهالسلام ويونس بن عبد الرّحمن ألف مائة كتاب في رد العامة وجابر بن
يزيد حفظ سبعين ألفا مما أمر بنشره وروايته وسبعين ألفا مما أمر بكتمانه ونقل عن
الحسن بن علي الوشاء أنّه قال إنّي أدركت في هذا المسجد مائة شيخ كل يقول حدثني
جعفر بن محمد عليهالسلام وقد حكي أنّ الرّواة عن الصّادق عليهالسلام تبلغ إلى أربعة آلاف وأيضا من المعلوم أنّ الأصول الأربعمائة تشترك في أحاديث
كثيرة ولا ريب في أنّ الخبر إذا كان مرويّا بأربعمائة طريق يكون قطعيّا ولهذا حكي
عن بعضهم أنّ التّدوين في الكتب الأربعة أوجب خروج تلك الأخبار عن التّواتر لإسقاط
الطّرق والاقتصار على طريق واحد للاختصار ويؤيد ذلك تصريح السّيد المرتضى وابن
إدريس ومن عاصرهما بأنّ جل الفقه يستفاد من الأخبار المتواترة فكان تواتر الأخبار
من المسلمات عندهم وكيف يخفى مثل هذا الأمر على السّيد ونظرائه وغير ذلك من
القرائن والأمارات الّتي يحصلها المتتبع في الآثار والمنتقد للأخبار هذا مع أنّ
أصحاب الكتب الأربعة على وثاقتهم وعلو شأنهم شهدوا بقطعيّة أخبار كتبهم مع الإذعان
بكونها مأخوذة من كتب الأصول وهذا هو شهادة بقطعيّة الأصول ألا ترى إلى الفقيه حيث
قال في أوّل كتابه ما هذا حاصله أنّي لم أجر في كتابي هذا على طريقة المصنفين في
ذكر كل ما رووه من الأخبار بل اقتصر على ذكر ما أقطع على صحته وأفتى به وجميعها
مذكورة في الكتب المشهورة الّتي إليها المرجع وعليها المعول فإنّ الصّحة عند
القدماء يطلق على معان ثلاثة أحدها ما يقطع على صدوره والثّاني ما يقطع على صدوره
ووجوب العمل به لعدم معارض أقوى والثّالث ما يقطع بصحة مطابقته للواقع والضّعيف
مقابلها وكيف كان يثبت قطعيّة الأخبار بإحدى المعاني وهو كاف في المقام واعترض
عليه بأن تصريح الصّدوق بأنّه ليس بناؤه على طريقة سائر المصنفين يدل على أنّ بناء
المصنفين ذكر ما لا يعتمد عليه من الأخبار أيضا ولا ريب في دخول أصحاب الأصول في
المصنفين فيدل على عدم قطعيّة أخبار الأصول ولما صرح أن أخبار كتابه مأخوذة منها
دل على عدم قطعيّتها أيضا وأجيب أوّلا بأن المراد غير أصحاب الأصول لتصريحه
بالتعويل على الأصول والاعتماد عليها وثانيا بأنّ مراده من طريقة المصنفين هو ذكر
ما يعمل به لا لعدم صدوره قطعا بل لوجود المعارض الأقوى فهو لا يذكر إلاّ ما يعمل
به لقوله وأفتى به وثالثا