الاستفصال ليس كذلك وما يقال من أنّه لو أفاد العموم لكان بمنزلة أكل الناس ذلك فيمكن أن يكون الجواب بنعم أو لا بتعداد الزائرين فاسد جدا إذ ليس الاستفهام هنا لطلب التّصديق بل الطّلب التّصور فعمومه إنّما هو بمنزلة قولك بين لي كل من زارك كما ذكرنا فافهم ومنها من وما الشّرطيّتان نحو من تضرب أضرب وما تصنع أصنع فالمتبادر منهما العموم وقد يستدل عليه بأنّ مقتضى الشّرطيّة سببيّة الأوّل للثّاني ويجب تحقق المسبب كلما تحقق السّبب فيكون المضروبيّة للمخاطب سببا للضرب فيتحقق الثّاني كلما تحقق الأوّل وهو معنى العموم وفيه الطّلب إذ لا نسلم استفادة السّببيّة غاية الأمر الملازمة في الجملة ولو سلم فلا يستفاد فيه إلاّ السّببيّة في الجملة لا مطلقا ولذا ذهب جماعة إلى عدم تكرر المشروط بتكرر الشّرط لاحتمال كون الشّرط سببا في ابتداء وجوده لا مطلقا ولا ينافي ذلك انتفاء الحكم بانتفائه كما هو معنى المفهوم لأنّ الوجود عند الوجود كما هو معنى السّببيّة المطلقة غير الانتفاء عند الانتفاء وهو ظاهر ومنها من وما الموصولتان نحو أكرم من يأتيك وافعل ما بدا لك فالمتبادر منهما العموم سواء تضمنا معنى الشّرط أو لا وتخصيصه بالأوّل ضعيف ويشهد لما ذكرنا فهم ابن الزّبعري من قوله تعالى إنّكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم العموم وتقرير النّبي له على ذلك بالنّسبة إلى غير ذوي العقول وقد يقال إنّ الموصول إنّما وضع لمن يعتقد المتكلم أنّ المخاطب يعرفه بالصّلة فتارة يطلق على المعين الشّخصي نحو أكرم من كان معنا أمس وقد كان معهما شخص معين وتارة يطلق على العموم نحو أكرم من قلت لك أكرمه وقد قال له أكرم كل عالم فلا يجوز حمله على العموم مطلقا وفيه نظر لأنّ المراد بإفادتهما العموم هو ثبوت الحكم لكل من يعتقد المتكلم أنّ المخاطب يعرف اتصافه بالصّلة وإن كان هذا الكلي منحصرا في الفرد ففي قوله أكرم من كان معنا أمس يراد به كل من كان معنا غاية الأمر انحصاره في الفرد وهذا لا يوجب استعمالا في الخاص ألا ترى أنّ قوله من أبوك استفهام يطلب ببيان كل من اتصف بكونه أبا للمخاطب فهو يفيد العموم بحسب المفهوم ولا ينافي انحصاره في الفرد بحسب الخارج ولذا لو قال أكرم من كان معنا أمس وكان معه عشرة فلم يكرم إلاّ واحدا إلى تسعة لعد عاصيا في تركه إكرام الباقي وهو ظاهر وهل العموم في هذه المذكورات أفرادي أو مجموعي الظّاهر هو الأوّل للتّبادر ولو سلم وضعها للعموم المجموعي فلا ريب أنّ الحكم إنّما يتعلق بالأفراد استقلالا وحينئذ فلا ثمرة في كون مفاد اللّفظ الآحاد أو المجموع وما ذكرنا لا فرق فيه بين النّفي والإثبات لما ذكرنا من التّبادر والقول بأنّها في سياق النّفي تفيد نفي العموم ضعيف فإن قولك لا تكرم من يدخل الدّار في معنى قولك لا تكرم أحدا من الدّاخلين كما لا يخفى ومنها سائر أسماء الاستفهام والشّرط والموصولات كمهما ومتى وأيّان وحيثما وأين وغيرها والّذين والّذي والّتي وأي في الاستفهام والشّرط والصّلة لكن في عموم