وقد يفصل بين تقدم العام على النّفي فعموم السّلب وبالعكس فسلب العموم وقيل إنّ النّكتة في الاستعمالين فيما إذا ورد النّفي على اللّفظ العام هي ما مر وأمّا إذا ورد النّفي على فعل متعلق بالعام مثل إنّ الله لا يحب كل مختال فخور النّكتة فيه أنّ الإسناد إمّا يعتبر تحققه قبل دخول النّفي فيرد النّفي على الفعل المتعلق بالعام فيقتضي سلب العموم وإمّا يعتبر تحققه بعد دخول النّفي فيتعلق الفعل المنفي بالعموم فيكون بمنزلة قولك كل مختال غير محبوب معناه عموم السّلب وفيه نظر لأنّ المتعلق بالمفعول هو نفس الفعل لا الفعل مع حرف النّفي والنّفي إنّما يرد على الفعل المتعلق وإلاّ لما كان فرق بين القضيّة المعدولة والسّالبة والحق أنّ النّكتة هنا أيضا هي الّتي أشرنا إليها من أنّ أداة العموم قد تعتبر في الموضوع فيرد النّفي عليها وقد تعتبر آلة الملاحظة أفراده فيرد النّفي على الجميع وأمّا ظاهر اللّفظ ففي العام المجموعي ما عرفت وفي العام الأفرادي مختلف بحسب المقامات وقال بعض الأفاضل إن كان العام من قبيل لفظ كل وجميع وعام وأمثالها كان النّفي ظاهرا في سلب العموم وإن كان من قبيل الجمع المعرف كان نفيه ظاهرا في عموم النّفي لأنّه اسم للأفراد وليس لها هيئة انضمام في الملاحظة وإنّما الانضمام شيء ينتزع من الأفراد في مثله فالأصل عدم اعتباره في مقام النّفي وفيه أنّه لا يجتمع هذا مع دعوى ظهور الجمع المعرف في تعلق الحكم بمجموع الأفراد من حيث المجموع لأنّ مقتضاه يعني النّفي بالمجموع من حيث المجموع وهو معنى سلب العموم والظّاهر فساد هذه الدّعوى وأمّا كلامه الأوّل فغير بعيد المطلب الثّاني فيما يدل على العموم مادة أو هيئة وفيه مقامان الأوّل فيما يفيد بمادته وهو أمور كلفظ كل وجميع وما يتعلق به كأجمع وجمعاء وأجمعين وجمع وما يلحق به كأكتع وأبتع وأبصع ولفظ عامة وقاطبة وكافة وحذافير وتمام وأسره وسائر وغير ذلك ولا إشكال في إفادتها العموم في الجملة وإنّما الكلام في إفادتها العموم الأفرادي أو المجموع فنقول أمّا كلمة كل ففصلوا فيها بين صورتي إضافتها إلى المعرفة والنّكرة فتفيد العموم المجموعي في الأولى نحو اشتريت كل العبد والعموم الأفرادي في الصّورة الثّانية والأولى أن يقال إنّها إن أضيفت إلى المفرد النّكرة أو إلى الجمع مطلقا أو إلى الموصول أو لم تضف أصلا أفادت العمومي الأفرادي نحو كل رجل وكل رجال وكلهم آتيه يوم القيامة فردا وكل من رأيت وكل في فلك وإن أضيفت إلى المعرفة الشّخصي كالعلم والإشارة ونحوها أفادت العموم المجموعي نحو كل زيد وكل هذا الرّجل وكل العبد وقيل إنّها بعد الإثبات للعموم الأفرادي وبعد النّفي للعموم المجموعي وقد مر فساده وأنّه لا فرق بينهما هذا في كلمة كل وأمّا البواقي فالظّاهر منها هو العموم المجموعي مطلقا كل ذلك للتّبادر ومنها من وما الاستفهام متباين نحو من زارك وما صنعت والمقصود من إفادتهما العموم أنّهما إنّما وضعتا لأن يستفهم بهما عن كل من اتصف بالمدخول فالمثالان في المعنى بمنزلة أن يقال بين لي كل من زارك وكل ما صنعت والدّليل على ذلك التّبادر وأنّه لو ذكر البعض في الجواب لقيل له ما أجبت بالتّمام وأنّه يصح الجواب بلفظ كل بأن يقال كل النّاس مثلا وليس زائدا عن محل السّؤال وأنّه لو لا العموم لوجب السّؤال عنه أنّه هل استفهم لبيان الجميع أو البعض ليجاب بمقتضى سؤاله ولم يجز الجواب قبل