اتفاقهم إنّما هو عن اجتهادهم ولا دليل على اعتباره وبه يجاب عن الثّاني والثّالث مع عدم الاتفاق عليه لذهاب جماعة إلى الخلاف مع أنّ فهم الحصر من الحديثين إنّما هو من تعريف المسند إليه باللام وعمومه لدلالته على أنّ صحة كل عمل مسببة عن النّيّة فلا يمكن صحة البعض بدونها وإلاّ لم يصدق الكليّة وكذا في إنّما الولاء لمن أعتق مع أنّ الحصر إنّما هو بالنسبة إلى الولاء المغايرة لولاء المعتق ولا ينافي اشتراك الولاء الواحد بينه وبين غيره إلاّ من جهة ظهور الكلام في استقلال المعتق بالولاء كما لو كان الدّار مشتركة بين زيد وعمرو صح أن يقال ملك جميع الدّار لزيد ولعمرو إلاّ أنّه ينافي ظهور الكلام في الاستقلال لا من جهة استفادة الحصر وعن الرّابع بأنّه إنّما ينفع لو كان في عرف العرب إذ لا مرادف له في عرف العجم بحيث يستفاد منه الحصر بل إنّما يستفاد منه تأكيد الكلام وأنّه صادق لا كاذب كما لا يخفى والتّبادر في عرف العرب غير معلوم وعن الخامس بأنّ غاية ما يدل عليه الفصل كون المراد بها الحصر لا وضعها له لاحتمال كون الفصل قرينة ودفعه بالأصل غير ممكن وظاهر وقد استعملت في غير الحصر أيضا نحو إنّما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم لعدم الانحصار فيهم واعترض عليه بأنّ المراد حصر المؤمنين الكاملين لا مطلقا والتّحقيق أنّ المناط في أمثال ذلك على الظّن المطلق كما مر في صدر الكتاب فإن حصل الظّن بإفادة الحصر من جهة نقل النّقلة أو اتفاق المفسرين أو نحو ذلك فهو وإلاّ فمشكل بل يجب التّوقف والرّجوع في مقام العمل إلى الأصول فتأمّل الثّاني هل الحصر في المذكورات مفهوم أو منطوق والتّحقيق أنّه إن كان المراد بالحصر إثبات الواحد ونفي ما عداه كان منطوقا وإن كان المراد الانحصار الذي هو لازم النّفي والإثبات أمكن جعله مفهوما لأنّه مدلول التزامي يجري فيه المفهوم والمنطوق بخلاف الأوّل فإنّه حينئذ مدلول مطابقي أو تضمني وكلاهما من المنطوق كما مر الثّالث مما جعلوه مفيدا للحصر تعريف المسند إليه وربما عبر عنه بتقديم الوصف على الموصوف الخاص خبرا له وربما قيل إنّ مطلق تقديم ما من حقه التّأخير يفيد الحصر ويظهر من الأوّل أنّ نفس تعريف المسند إليه يفيد الحصر ويظهر من بعض أدلّتهم في المقام أنّ كون الموضوع هو الأمر المخصوص يقتضي الحصر كما ذكر ولأنّ جعل الموضوع جنسا لما كان يقتضي اتحاده مع الفرد لزمه إفادة الحصر ويظهر من الأخير أنّ محض خلاف التّرتيب يوجب الحصر ويمكن الجمع بينهما بأنّه لما قدم النّكرة وجب تعريفها لئلا يلزم الابتداء بالنكرة فلما عرف صار الموضوع هو الأمر المخصوص المفيد للحصر وبهذا الاعتبار جاز نسبة الحصر إلى التّقديم وإلى التّعريف وإلى جعل الموضوع هو الأمر المخصوص ثم إنّ مقتضى العبارة الثّانية اختصاص الكلام بصورة كون الموضوع وصفا والمحمول أخص منه مطلقا ولكن أكثر أمثلتهم يقتضي كون الكلام أعم من كون المسند إليه وصفا وكونه اسم جنس وكون المحمول أخص مطلقا أو من وجه نحو المنطلق زيد والكرم في العرب والأئمة من قريش بل يجري الكلام فيما إذا كان المحمول أعم مطلقا مثل الإنسان