هو الرّابطة كقولك زيد موجود قائما فكذلك العدم نحو زيد معدوم وزيد ليس بقائم والمقصود في كلمة التّوحيد من نفي الإله هو العدم المحمول فهو كقولك الإله معدوم إلاّ الله فيثبت العدم للشريك والوجود للواجب وفيه مع أنّه موجب لتركيب الكلام من الحرف والاسم يرد عليه أنّ إثبات العدم للإله إن كان بالفعل لم يثبت الامتناع وإن كان بالإمكان لم يثبت نفي الوجود أيضا وإن كان بالضرورة يرتفع ضرورة العدم عن الله ولا يثبت الوجود فضلا عن الوجوب والأولى أن يقدر الخبر موجود فيقتضي نفي وجود الشّريك فعلا ولازمه إثبات الامتناع إن كان المراد بالإله واجب الوجوب لأنّه إن لم يكن موجودا فهو ممتنع بالضرورة وإن كان المراد المعبود بالحق لم يلزمه عقلا الامتناع ولكنه لازم أذهان العرف فإنّ كل من اعتقد نفي وجود المعبود فعلا غير الله لا يخطر بباله إمكان وجوده فيما بعد أو كونه فيما سبق بل يعتقد أنّ من كان مستحقا للعبادة يجب كونه مخالفا للممكنات ويكون قديما أزليّا دائما أبديّا كما لا يخفى فتأمّل وكيف كان فلا ريب في أنّ الاستثناء يفيد الحصر وأمّا كلمة بل فاستفادة الحصر منها وعدمه إنّما يظهر ببيان معناها فنقول إنّها إمّا تقع بعد الإثبات إخبارا كان أو إنشاء وإمّا تقع بعد النّفي والنّهي أمّا الأوّل فلا شبهة في أنّه يثبت الحكم السّابق لمدخوله نحو قام زيد بل عمرو فيثبت القيام لعمرو وهل يدل على انتفائه عن زيد حتى يفيد حصره في عمرو بالإضافة إلى زيد أو لا بل يجعله مسكوتا عنه فيه خلاف وأمّا الثّاني في نحو ما قام زيد بل عمرو ففي إثبات القيام لعمرو مع بقاء النّفي عن زيد ليفيد الحصر الإضافي أو نفيه عن عمرو مع بقائه عن زيد ليتفقا في الحكم أو جعل زيد مسكوتا عنه مع إثبات القيام لعمرو أو نفيه عنه أقوال ولا يستفاد الحصر إلاّ على القول الأوّل وهو الحق لأنّ المتبادر عرفا من قولنا ما قام زيد بل عمرو هو نفي القيام عن زيد وإثباته لعمرو يتأكد النّفي لو أدخل عليها لا نحو ما ضرب زيد لا بل عمرو فلا إشكال في استفادة الحصر منه حينئذ وأمّا الإثبات فمع دخول لا يفيد الحصر قطعا نحو جاءني زيد لا بل عمرو وأمّا بدون لا ففيه إشكال إذ قد يستعمل تارة في نفي الحكم عن ما قبله ويكون لتدارك الغلط ادعاء أو حقيقة نحو حبيبتي قمر بل شمس ورأيت زيدا بل حمارا وقد يستعمل في إثباته لهما نحو تحير فيك العلماء بل الأنبياء ويدرك الزّكي ذلك بل البليد ولكن يمكن إرجاع هذا أيضا إلى نفي الحكم عن السّابق بوجه اعتبار ونكتة وهي دعوى إثبات الحكم له بالأولويّة لا بالنحو الثّابت في الكلام فتأمل وأمّا كلمة إنّما فاختلف في إفادتها الحصر وعدمها فقيل نعم لوجوه منها اتفاق المفسرين على أنّ معنى قوله تعالى إنّما حرم عليكم الميتة ما حرم عليكم إلاّ الميتة ومنها فهم الفقهاء من قوله عليهالسلام إنّما الأعمال بالنّيّات توقف كل عمل على النّيّة وليس إلاّ لاستفادة الحصر وكذا من قوله عليهالسلام إنّما الولاء لمن أعتق أنّه لا ولاء لغير المعتق ومنها نقل أهل اللّغة ومنها التّبادر عرفا ومنها فصل الضّمير بعدها في قوله وإنّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي ولا موجب له سوى الحصر وأجيب عن الأوّل بأنّ