الفعلي ولا يمكن حصول الظنّ منهما معا لمنافاته لفرض العلم بالاتحاد وكذا الصّورة الرابعة وأما الخامسة وهي صورة الشك فلا بد فيها أيضا من الرجوع إليها فإن تعيّن المعنى بأحدهما حمل عليه الآخر بضميمة أصالة عدم النقل وإلاّ فالتّوقف وإن اختلفا وحصل الظنّ منهما فيتعارض مع أصالة عدم النقل فإن مقتضاها الاتحاد فينافي الظنّ بالاختلاف فإن رجّحنا الثّاني حكمنا بالاتحاد وارتفع الظنّ من اللّغة أو العرف والمتبع هو ما أفاد الظنّ فعلا وإن ارتفع منهما وجب التّوقف وإن رجحنا الأول حكمنا بالنقل وكان كالصورة الثانية من الصور الخمس فحكمه حكمها
ومنها التّبادر
وهو سبق المعنى إلى الذّهن بدون ملاحظة واسطة وبعبارة أخرى فهم المعنى من اللّفظ بلا توسط شيء وكشفه عن الوضع عقلي إنّي لأن السّبق إلى الذّهن يحتاج إلى مرجّح ضرورة استحالة الترجّح بلا مرجّح وهو إمّا الوضع أو المناسبة الذاتية أو القرينة والثالثة مفروضة الانتفاء والثاني باطل لعدم العلم بالمناسبات للأغلب فتعين الأوّل وهو من قبيل الاستدلال بوجود اللاّزم على الملزوم ويكفي في ذلك عدم كونه أعمّ سواء كان مساويا للوضع أو أخصّ إذ لا يشترط في العلامة الانعكاس بل يكفي الاطراد نعم لو أريد الاستدلال بعدمه على عدم الوضع أيضا لزم إثبات كونه مساويا أيضا وقد نوقش في اطراده بوجوده في أمور بدون تحقق الوضع فيها منها المجاز المشهور ومنها المعنى اللاّزم للموضوع له إمّا بأن يكون قيدا للموضوع له كالبصر للمعنى والمفهوم للشرط أو لا بل يكون عرفيّا كالجود للخاتم ومنها جزء الموضوع له فإن التّبادر ثابت في المذكورات بدون الوضع فهو لازم أعمّ لا يمكن إثبات الوضع به ومما ذكرنا في تعريف التّبادر من قولنا بلا توسط شيء ارتفع النقض بما ذكر ضرورة توسّط الشهرة في الأوّل والموضوع له في الأخيرين وزاد بعضهم في التعريف لإخراج المذكورات قيودا لا حاجة إليها بل هي مخلة فإنه قال إن التّبادر وهو فهم المعنى من حاق اللّفظ ابتداء استقلالا وبالقيد الأوّل أخرج المجاز المشهور وبالثاني اللازم وبالثالث الجزء وإنما لم يكتف بالقيد الثاني عن الثالث توهما منه أن الجزء لا يخرج بقيد الابتداء لتقدّمه على الكلّ فتبادره ابتدائي نعم هو ليس مستقلاّ فيخرج بقيد الاستقلال وفيه أمّا أولاّ فإن مقتضى ذكر تلك القيود أنه يجب اجتماعها في التّبادر والوضعي وهو منتقض بالكلّ فإن تبادره ليس ابتداء على زعمه وأمّا ثانيا فإن الجزء ليس مقدّما على الكل في التّبادر نعم هو مقدّم عليه في الخارج فالتّبادر أولا إنّما هو للكل وبتوسّطه يثبت للجزء فتبادر الكل واسطة في عروض التّبادر للجزء كما لو تعلّق الأمر بمركب كان المقصود بالذات هو المركب وبتبعيّته يسري ذلك الوجوب بعينه إلى الأجزاء كالحركة