اللّذان استدل بهما ليسا على وجههما إمّا الأوّل فلوجود الفوائد العظيمة في نقل موارد الاستعمالات ولا أقل من حصول العلم بالتواريخ والقصص الواقعة في الزمان الماضي وأمّا الثّاني فلأنه قد يكون المذكور فيهما قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي للفظ دون المعيّنة لشياع اللّفظ في معنى مجازي في ذلك الزّمان فلا بدّ من حصول العلم بمحازات زمان الشارع ومعرفة الشّائع منها في ذلك الزّمان حتّى نحمل اللّفظ عليه ونحو ذلك من الفوائد فالأولى في مقام الاشتباه التوقف ثمّ إنه إذا اتّفق أهل اللّغة في النّقل فلا إشكال وإن اختلفوا فيجب الجمع مهما أمكن والاختلاف المذكور يتصوّر بوجوه منها أن يكون المعنيان المنقولان للفظ متباينين كأن ينقل أحدهم أن العين هو الذهب والآخر أنه الميزان مثلا ومنها أن يكون أحدهما أقل والآخر أكثر أمّا استقلاليّا كأن ينقل أحدهم أن العين هو الذّهب والآخر أنّه الذّهب والميزان أو ارتباطيّا كنقل أحدهم أن اليد هو الكفّ والآخر أنّها مجموع العضو من رءوس الأصابع إلى المنكب ومنها أن يكون بينهما عموم مطلق كنقل واحد أن الصّعيد وجه الأرض والآخر أنه التراب أو عموم من وجه كنقل واحد أن الغناء هو الصوت المطرب والآخر أنّه الصوت مع الترجيع وقد ذكروا في وجه الجمع القول بالاشتراك في المتباينين أخذا بما أثبته كلّ منهما وطرحا لما نفاه فإن كلاّ منهما يثبت ما ادعاه وينفي الآخر وتقديم المثبت على النّافي قاعدة مسلمة وبهذا أيضا قد جمع في الوجه الأخير بحمل الخاصّ على العام إذ ناقل العموم لا ينفي الخاصّ وناقل الخاصّ ينفي العام فمقتضى طرح النفي الحمل على العام ومقتضاه في العامين مطلقا الأخذ بالعام وفي العامين من وجه الأخذ بالقدر المشترك وهو في المثال المذكور والصوت الأعمّ من المطرب وما فيه ترجيع ولازمه صدق الغناء على ما وجد فيه أحدهما وقيل في وجه الجمع هنا بحمل المطلق على المقيّد إمّا لأنّه قاعدة اجتماعهما أو لأنّه القدر المتيقّن ومقتضاه في العام المطلق الحمل على الخاصّ وفي العامين من وجه الجمع بين الخصوصيين ففي المثال المذكور نحكم بأنّ الموضوع له للغناء هو الصوت المطرب المشتمل على الترجيع ويعلم بالمقايسة أن حكم الأقل والأكثر الاستقلالي حكم المتباينين والارتباطي حكم العامين من وجه فأمّا القول بالاشتراك أو الأخذ بالكلّ أو الجزء وتحقيق الحقّ في المقام يحتاج إلى بيان أمور الأوّل الحقّ أنّه لا تعارض بين قولي النقلة عند الاختلاف إذ غاية ما يتصوّر في توجيه التعارض أن يقال إنّ الظاهر من حال اللغوي حيث إنّه في مقام استيفاء موارد الاستعمال أنه حاكم بعدم ثبوت غير ما أثبته فكل من الناقلين يثبت ما يدعيه وينفي الآخر فبينهما تعارض وفيه أنّه على فرض التّصريح بالنفي أيضا لا تعارض بينهما فإنه إنما ينفيه بحسب وجدانه ولا ينفي الاستعمال واقعا وعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود الثاني