بخلاف الثّاني فيدخل المفاهيم في الدّلالة التّبعية ويجتمع كل منهما مع الوجوب النّفسي والغيري أمّا الأصلي النّفسي فظاهر وأمّا الغيري فنحو إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا إلى آخره وأمّا التّبعي النّفسي فكالمفاهيم وأمّا الغيري فكوجوب المقدمات عند بعضهم وقد يطلق الأصلي على ما يكون المقصود إفادته من الخطاب ولو التزاما والتّبعي على ما يكون لازما قهريا للكلام من دون أن يكون مسوقا لبيانه وهو على قسمين أحدهما ما يكون الحكم المقصود واسطة في الثّبوت لذلك الوجوب والثّاني ما يكون واسطة في العروض له والمراد بالأوّل أن يكون عروضه لشيء علة لعروضه على آخر فيكون هناك معروضان وعروضان كوجوب الجزء بالوجوب المقدمي فإنّ عروض الوجوب على الكل علة لعروض الوجوب المقدمي على الأجزاء على القول بوجوب المقدمات فالمراد بالثّاني أن يكون هناك معروضان وعروض واحد ويكون نسبته إلى أحدهما بالذّات وإلى الآخر بالتّبع كحركة جالس السّفينة فإنّها عين حركة السّفينة وكوجوب الأجزاء لعين وجوب الكل ووجوب ملازمات الواجب كوجوب جعل الكوكب الفلاني بين الكتفين عند وجوب استقبال القبلة ونحو ذلك ويسمى الأول بالوجوب الغيري والثّاني بالوجوب العرضي إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه لا نزاع في الأصلي بالمعنى الأوّل إذ لم يدعه أحد للمقدمة وأمّا بالمعنى الثّاني فربما يظهر من بعضهم أنّ القائلين بوجوب المقدمة قائلون بهذا النّحو من الوجوب وهو فاسد فإنّهم ادعوا الضّرورة على مطلبهم وعدم كون الكلام مسوقا لبيان وجوب المقدمة ضروري بل ربما نجد من أنفسنا عدم خطور المقدمة بالخيال فكيف يدعي الضّرورة على أنّ المقصود من الأمر بشيء الأمر بمقدماته أيضا بل ذلك ضروري العدم وأمّا التّبعي العرضي فهو ليس قابلا للنّزاع بل هو ثابت قطعا وإن ظهر من بعضهم أنّه محل النّزاع حيث قارن المقدمات في محل النّزاع بملازمات الواجب عدم إمكان الوجوب الغيري بالنّسبة إلى الملازمات فالتّحقيق أنّ محل النّزاع هو ثبوت الوجوب الغيري للمقدمات بمعنى أن الأمر إذا طلب شيئا هل يلزم أن يحصل في نفسه كيفية نفسانية بالنّسبة إلى مقدماته وإن ذهل عنها ولم يكن ملتفتا إليها بحيث لو عبر عنها لعبر عنها بالأمر كما قد يقول المولى لعبده امض إلى السّوق واشتر اللّحم أو لا يلزم ذلك وبهذا يمكن إدخال الأجزاء أيضا في محل النّزاع ولا يتم ما ذكره بعضهم من أن أجزاء الواجب خارجة عن النّزاع إذ لا معنى لوجوب الواجب إلاّ وجوب أجزائه وذلك لأنّ وجوب الأجزاء يوجب الكل وجوب عرضي والنّزاع إنّما هو في الوجوب الغيري (التّاسعة) في ثمرة النّزاع في هذه المسألة وقد ذكروا وجوها من الثّمر كلها محل النّظر منها برء النّذر بإتيان المقدمة لمن نذر إيتان واجب شرعي على القول بالوجوب دون العدم وفيه أنّ النّزاع في المسألة إنّما هو في ثبوت التّلازم بين الوجوبين وعدمه فثمرة الإثبات وجوب المقدمة عند وجوب ذي المقدمة وعلى القول بالعدم لا