أو التّبعي لا وجه له لأنّ الخطاب الأصلي لو تعلق بها فإنّما هو تنبيه على ما ثبت في الواقع لا إبداع للوجوب النّفسي كما تقول لعبدك اذهب إلى السّوق واشتر اللّحم ونظائره فإذا لم يمكن الاستحقاق في الواجب الغيري لم يكن فرق بين ما إذا ثبت بالخطاب الأصلي أو التّبعي وأمّا التّفكيك بين الثّواب والعقاب ففاسد أمّا أوّلا فلما عرفت من عدم إمكان استحقاق الثّواب وأمّا ثانيا فلأنّ الثّواب لو كان فإنّما هو للامتثال وإذا تحقق فرض الامتثال لفعل الواجب الغيري كان تركه معصية فيجب ترتب العقاب أيضا وأمّا ثالثا فلأنّه موجب لتسبيع الأحكام كذا قيل ولعل مراده أنّ التّقسيم إلى الأحكام الخمسة إنّما هو باعتبار ترتب الثّواب أو العقاب وعدمه فما يترتبان عليه واجب وحرام وما يترتب عليه الثّواب فقط مستحب ومكروه وما لا يترتب عليه شيء منهما مباح ولا يمكن إدخال الواجب الغيري في المستحب لأنّه مستفاد من الخطاب الإلزامي مع أنّه يترتب عليه الثّواب فقط فيكون قسما سادسا وكذا المانع يكون تركه امتثالا وموجبا لترتب الثّواب وفعله لا يترتب عليه عقاب مع أنّه لا يكون مكروها لما عرفت من استفادته من الخطاب الإلزامي فيكون قسما سابعا ولا يمكن الجواب بأنّ التّقسيم المذكور إنّما هو للأحكام الأصلية دون التّبعية أو الأحكام النّفسية دون الغيرية لأنّ الحصر إنّما هو بالنّظر إلى استحقاق الثّواب والعقاب والحصر فيه عقلي ليس باعتبار المعتبر فالأولى عدم ترتب شيء منهما عليه فيدخل في المباح الذّاتي وليس إباحته مستفادة من الخطاب الإلزامي حتى لا يدخل في الإباحة المصطلحة وحينئذ فلو تركه لم يفعل حراما نعم يعاقب على ترك ذي المقدمة اللازم من ترك المقدمة وقيل إنّ المقدمة مستحب لأنّ الغزالي قد أفتى باستحبابها وقد ورد أنّ من بلغه ثواب على عمل فعمله التماس ذلك الثّواب أوتيه وإن لم يكن كما بلغه فإنّه شامل لفتوى الفقيه أيضا وفيه أوّلا أنّ الكلام إنّما هو في الواقع ونفس الأمر والنّزاع إنّما هو مع أمثال الغزالي وثانيا أنّ في شمول الخبر لفتوى الفقيه سيما مثل الغزالي نظر ثم إنّه إن سلمنا في الواجبات والمستحبات النّفسية استحقاق الثّواب أمكن القول بترتب الثّواب على الوضوء والغسل من بين المقدمات كما ذكره بعضهم بناء على القول باستحبابها النّفسي ويشكل بأنّ الاستحباب النّفسي إنّما هو قبل وقت المشروط بالطّهارة وأمّا بعده فهو صرف الواجب الغيري لعدم إمكان اجتماع الوجوب والاستحباب لتقابل الأحكام الشّرعيّة ويمكن الجواب بأنّ ارتفاع الاستحباب في الوقت ليس لارتفاع المصلحة المقتضية للاستحباب بل إنّما هو لتأكّدها بعد الوقت فالمصلحة الاستحبابيّة باقية بعد الوقت وإن لم يكن استحبابا اصطلاحيا ومحض وجود الرّجحان الاستحبابي كاف في إمكان قصد الفعل للاستحباب وترتب الثّواب عليه ويشكل بأنّ ذلك يقتضي أن لا يترتب عليه الثّواب إذا فعل بقصد المقدميّة وأن يكون ترتب الثّواب فرعا لإيتانه بقصد الاستحباب مع أنّه خلاف ما اتفقوا عليه ولعلنا نتكلم تمام الكلام فيما سيأتي إن شاء الله (السّابعة) هل يعتبر في المقدمة قصد ترتب ذي المقدمة أو فعليّة ترتبه أو لا يعتبر شيء منهما فيه خلاف وربما يظهر من بعضهم أن وجوب المقدمة