النّفسي مستحق للعقاب عقلا وشرعا وأمّا استحقاق الثّواب على فعله فمحل كلام كاستحقاقهما في الواجب الغيري فقيل بعدمهما مطلقا وقيل بثبوتهما كذلك وفصل ثالث بين ما ثبت بالخطاب الأصلي فيترتبان عليه بخلاف ما ثبت بالخطاب التّبعي وقيل باستحقاق الثّواب فقط دون العقاب واستدل الاستحقاق الثّواب على فعل الواجب مطلقا نفسيا كان أو غيريا بوجوه منها حكم العقل بأنّ إيلام العبد بلا عوض قبيح ومنها أن جعل العوض للتّكليف مقرب للعبد إلى الطّاعة فهو لطف واجب في الحكمة ومنها العمومات الدّالة على ترتب الثّواب على كل الطّاعات ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومنها الأخبار الخاصة الواردة في خصوص المقدمات كما ورد أنّ من زار الحسين عليهالسلام كان له بكل قدم كذا حجة وغيره فإنّ وضع القدم من جملة المقدمات وبعض الآيات أيضا دالة على ذلك مثل قوله تعالى وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغيظُ الكُفّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ وأجيب عن الأوّل بالمنع فإنّه قد تقرر أن الأحكام الشّرعيّة تابعة للمصالح والمفاسد الواقعيّة الرّاجعة منفعتها إلى المكلّف لا للآمر لغنائه تعالى وفي مثل ذلك لا يستحق الثّواب على العمل نظير أوامر الطّبيب مع أنّه لا يقتضي كون العوض هو الثّواب الأخروي لكفاية العوض كيف كان ولو في الدّنيا فتأمّل وعن البواقي بأنّها إنّما تفيد أصل تحقق الثّواب لا استحقاقه مع أنّ جريانها في المقدمات ممنوع وأمّا اللّطف فلأنّ ترتبه على أصل ذي المقدمة كان في التّقريب وأمّا العمومات فلأنّ صدق الطّاعة على فعل المقدمة ممنوع نعم يبقى الأخبار الخاتمة ويمكن حملها على بيان ثواب أصل ذي المقدمة وأنّه في الكثرة بحيث لو دفع على المقدمات صار لكل مقدمة كذا حسنة ولو سلم فلا يثبت الاستحقاق كما عرفت ثم إنّه يمكن أن يقال إنّ استحقاق الثّواب على فعل المقدمة غير معقول لأنّه فرع الامتثال والمراد به إتيان المأمور به بالعنوان الّذي تعلّق به الأمر بداعي الأمر والعنوان في الواجب الغيري هو قصد التّوصل إلى الغير فلا معنى لامتثال الأمر بالوضوء إلاّ إتيانه بقصد التّوصل لا لداعي الأمر بل لا بد أن لا يكون الدّاعي إلاّ التّوصل فلم يفعل بداعي الأمر حتى يمكن فرض الامتثال الموجب لاستحقاق الثّواب ولا ينافي ذلك ترتب الثّواب على الواجبات النّفسيّة الّتي لا مصلحة فيها إلاّ التّوصل إلى الغير كإنقاذ الغريق لحفظ النّفس ودفن الميت لحفظ جسده للفرق بين ما إذا كان التّوصل عنوانا في المأمور به كالواجبات الغيريّة وبين ما إذا كان من الآثار المترتبة على العمل على ما سبق فلا يمكن قصد الامتثال في الأوّل بخلاف الثّاني لمطلوبيّة الفعل بذاته لا بعنوان التّوصل وإن ترتب عليه فإن قيل قد ذكروا أن إتيان المباح بقصد الإطاعة موجب لترتب الثّواب والواجب الغيري لا يقصر عن المباح قلنا مرادهم أنّه إذا كان للشيء عنوانان أحدهما واجب أو مستحب نفسيا والآخر مباح فإتيانه بالعنوان الأوّل موجب لترتب الثّواب كالأكل لتقوية البدن على العبادة والشهوة فالثواب إنّما ترتب على الواجب والمستحب النّفسي لا على المباح ثم إن التّفصيل بين ما لو ثبت وجوب المقدمة بالوجوب الأصلي