قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    غاية المسؤول في علم الأصول

    غاية المسؤول في علم الأصول

    214/456
    *

    في الواقع والتّحقيق أن يقال إنّه إن اتحد النّوع والحكم حكم بسقوط واحد مبهم لأنّ الطّلبين حينئذ لا تميز بينهما إلاّ بتعدد المتعلّق فإذا فعل أحدهما بقصد أنّه مطلوب سقط الأمر المتعلّق به فيجب عليه فعل الآخر بخلاف ما إذا اختلف نوع الحكم كالوجوب والاستحباب فإن اختلافه كاشف عن اختلاف المصلحة في تلك الأفراد وحينئذ فإذا أتى بفرد متقربا فالحكم بسقوط أحدهما معينا ترجيح بلا مرجح ومبهما لا معنى له وكذا إذا اتحد النّوع واختلف الحكم كالكفّارة فإنّه أيضا كاشف عن اختلاف المصلحة ويمكن أن يقال في صورة اختلاف النّوع إنّه إذا تعلّق الأمر الوجوبي بالطبيعة كان معناه النّهي عن ترك الجميع وحينئذ فلا معنى لورود الاستحباب عليها لأنّ معناه الإذن في ترك الجميع وهو مناقض لمقتضى الوجوب فيجب أن يرد الاستحباب على القدر الزّائد على مقدار الواجب الّذي يصدق على الواحد وعلى هذا فلو أتى بفرد صدق عليه أنّه لا يجوز تركه إلاّ إلى بدل وهو معنى الوجوب وهذا هو المرجح لسقوط الأمر الوجوبي ويشكل الأمر لو أتى بالفردين دفعة إذ لا أوّليّة حينئذ إلاّ أن يقال إنّ المجموع حينئذ موجب لسقوط المجموع والمسألة في غاية الإشكال فتأمّل فيها جدا وقد تلخص مما ذكرنا أنّه إذا كان التّكليفان من نوع واحد أمكن الحكم بسقوط أحدهما عند قصد القربة المطلقة حيث لا تميز في المتعلّق إلاّ من حيث كونه متعلقا للطلب الخاص وأمّا إذا كانا نوعين فإن لم يكن الملحوظ في المتعلّقين خصوصيّة سوى الطلب للطبيعة المطلقة فكذلك إلاّ أنّه يقع الأوّل واجبا قهرا لأنّ اختلاف الحكمين كاشف عن اختلاف المصلحة في الأفراد وحيث لا تميز من حيث كونه فردا تعين أن يكون المميز الأوّليّة والثّانويّة لما علم أنّه يكفي في نيّة الوجه قصد القربة المطلقة والفرد الأوّل يصلح لوقوعه واجبا فيبرأ الذّمة بإتيانه وعلى هذا فقصد الاستحباب بالفرد الأوّل مشكل بل قيل في أذكار الرّكوع والسّجود أنّه لو قصد الاستحباب بالأوّل فإن كان عن سهو فلا بأس وإن كان عمدا كان تشريعا ربما أوجب بطلان الصّلاة وإن كان الملحوظ فيها خصوصيّة زيادة على كونه فردا وإن لم نعلمها تفصيلا بأن ثبت من دليل خارج أنّ قصد الاستحباب بالأوّل جائز فإنّه لا يمكن إلاّ بأن يكون هناك خصوصيّة ملحوظة لما عرفت من أنّ اختلاف الحكم تابع لاختلاف المصلحة الموجب لثبوت اعتبار الخصوصيّة وإن كانت بحسب القصد وحينئذ فلو أوقع العمل بقصد المطلق لم يقع لأنّ وقوعهما خلاف الفرض ووقوع أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح ولا يكفي احتمال ثبوت الخصوصيّة واقعا فيقع الامتثال بمقتضاها لاحتمال اعتبار الخصوصيّة بالقصد فتأمّل