إمّا يبقى في الزّمان أو لا فالأوّل كالعلم فإنّه يحصل في الآن ويبقى في الزّمان والثّاني كالضرب فإنّه يوجد في الآن فينعدم والتّلبس في الأوّل إنّما هو بكون الشّخص مشغولا به ولو يحرم من أجزائه وفي الثّاني والثّالث بأن يكون متلبّسا به فعلا وبعضهم لما توهم أن المراد من التّلبّس هو التّلبّس العقلي أشكل عليه الأمر في المبادي السّيالة كالتّكلّم فحكم بأنّ المتكلّم موضوع للأعمّ ممن تلبّس وممن انقضى عنه وإلاّ لم يصدق المتكلّم على أحد لعدم إمكان التّلبّس بالكلام وتلبّسا عقليّا بخلاف الغير السّيالة فإنّه موضوع لمن تلبس به فعلا وقد عرفت فساده الثّانية المعتبر في التّلبّس وجود المبتدإ للذات في الواقع وإن لم يكن ملتفتا إلى وجوده فالمؤمن النّائم متلبّس بالإيمان حال النّوم وبهذا ظهر فساد التّفصيل بين ما إذا طرأ على المحل ضد وجودي فلا يصدق المشتق وبين عدمه فيصدق التّوهم أن المؤمن يصدق على النّائم مع انتفاء المتلبّس لعدم طريان الضّد الوجودي ولا يصدق على من كفر بعد إيمانه لطريانه فافهم الثّالثة إذا علق الحكم على عنوان المشتق فقد يعتبر صدق العنوان في بقاء الحكم أيضا كالحكم بنجاسة الماء الجاري المتغير إذ لو زال التّغير صار طاهرا وقد يعتبر في محض حدوث الحكم ولكن بعد حدوثه يبقى وإن انتفى العنوان وهو لا يوجب استعمال المشتق فيما انقضى عنه المبدأ كقوله تعالى الزّانِيَةُ وَالزّاني فاجلدوا فإن وجوب الجلد يحدث عند صدق العنوان ولكن يبقى بعد انتفاء العنوان أيضا نعم ظاهر التّعليق هو الاشتراط حدوثا وبقاء لكن القرينة هنا موجودة على أنّه شرط حدوثا لا بقاء لعدم إمكان الجلد حال الزّنا أو الإجماع على عدمه وذلك لا يوجب استعمال المشتق فيما انقضى عنه المبدأ فالزّاني يوم السّبت لا يصدق عليه الزّاني يوم الأحد لكن يجب حده لأنّ الحكم حدث بصدق الزّنا يوم السّبت لا بشرط بقاء العنوان وبهذا ظهر فساد التّفصيل بين ما إذا كان المشتق محكوما عليه فهو حقيقة في الأعم مما انقضى لهذه الآية وبين غيره فيشترط التّلبّس وأضعف من ذلك ما توهم من أنّه حقيقة في الأعم من الاستقبال أيضا لهذه الآية وإلاّ لم يجب الحد على من يصدق عليه الزّاني بعد صدور الخطاب ووجه ضعفه أن التّعميم ليس لصدق الزّاني حال الخطاب على من يتلبّس به بعده بل لعموم الزّاني فكأنّه قال كل زانية وزان يجب حده فيعتبر صدق الوصف بالنسبة إلى كل شخص في زمان تلبّسه به وأمّا بالنسبة إلى من مضى فقد عرفت أنّه لعموم الحكم لا لاستعمال المشتق فافهم الرّابعة قد فصل بعضهم بين المتعدي فلا يعتبر التّلبّس فيه فعلا وغيره فيعتبر نظرا إلى صدق قاتل زيد بعد انقضاء التّلبّس أيضا بخلاف الماء الطّاهر بعد عروض النّجاسة وفيه أن إطلاق القاتل بعد الانقضاء إنّما هو بالنظر إلى زمان التّلبّس فظرف الحمل فيه الزّمان الماضي وقد شاع هذا