الشّرط تعارض مع المفهوم فالمفهوم هو الحكم بانتفاء الطّلب مطلقا لا الطّلب الخاص ويشهد لذلك أنهم اتفقوا على أن الوصف يخصص العموم في نحو أكرم العلماء الطّوال مع أنهم قد اختلفوا في ثبوت المفهوم للوصف فإن المراد بالتّخصيص هو أن الحكم الخاص إنّما يتعلق بالموصوف لا بغيره وأمّا أنّه هل ينافي مع تحقق الحكم لغير الموصوف بخطاب آخر أو لا فهذا النّزاع في ثبوت المفهوم وبالجملة انتفاء الحكم المتعلق بموضوع عند انتفائه بديهي حتى في الأعلام فقولك أكرم زيدا مختص بجعل وجوب الإكرام لزيد لا عمرو وهذا غير المفهوم فإنّه لا ينافي ثبوت الحكم لغيره بخطاب آخر نعم قد ينافيه في بعض الموارد لعدم قابليته للحكمين كما إذا قال وقفت الدّار على الفقراء فإنّه لا يمكنه أن يقول بعد ذلك وقفتها على الأغنياء لانتفاء ملكه بالصّيغة الأولى فالمنافاة إنّما هو بين المنطوقين وليس هذا من المفهوم فما ذكره الشّهيد من أنّه من باب المفهوم لا وجه له وبالجملة لو كان الأمر موضوعا للطلب الجزئي لكان تعليقه على الشّرط موجبا لانتفاء الطّلب الخاص وهذا غير مفهوم الشّرط كما عرفت مع أن القائل بذلك قائل بثبوت المفهوم للشرط وحينئذ فيجب القول بأن الموضوع له هو الطّلب الكلي وهو المعلق على الشّرط فينتفي بانتفائه ولا يوجب اشتراط إيجاده بالصّيغة كون الصّيغة مستعملة في الجزئي هذا حاصل مراده وبعبارة أخرى الموضوع له هو الطّبيعة لكنها قد اعتبرت بحيث لا يمكن استعمالها إلا موجودة من دون أن يكون التّقييد بالوجود معتبرا في الموضوع له فالموضوع له مطلق لا يمكن استعماله إلا مقيدا بسبب نفس الاستعمال وهو لا يوجب كون الموضوع له مقيدا وكذا يقال بهذا في وضع الحروف وأسماء الإشارة أن الموضوع له فيها هو مطلق الابتداء والمشار إليه لكن قد لوحظ معه حيثيّة بحيث لا يمكن استعمالها إلا جزئيا وهو ملاحظة كونه مرآة لملاحظة حال الغير من دون أن يكون الحيثيّة المذكورة جزءا للموضوع له أو شرطا له هذا حاصل ما يمكن أن يقال في تقرير وجه القول المذكور والتّحقيق أن الموضوع له في الأمر هو الطّلب الجزئي الموجود في الخارج الآخر بالخطاب لأنّه المتبادر عند سماع اللّفظ ولا ينتقل الذّهن إلى مفهوم الطّلب أولا ثم إلى وجوده وهو ظاهر والإشكال بلزوم انتفاء المفهوم غير وارد لأنّ تعليق الفرد الخاص من من الطّلب على الشّرط لا بد له من فائدة وهي ليست انتفاء الفرد الخاص لانتفائه بمحض انتفاء موضوعه وإن لم يذكر الكلام بصورة الشّرط بل الفائدة هي الدّلالة على أن تعليق الفرد الخاص إنّما هو عنوان لتعليق المطلق فيدل على انتفائه بانتفاء الشّرط وهذا هو المفهوم ثم إنّه