من تمهيد مقدمات الأولى في بيان معنى المشترك فنقول عرف الاشتراك بأنه عبارة عن كون اللّفظ موضوعا بوضعين فصاعدا لمعنيين فصاعدا بطريق التّعيين أو التّعيّن والمراد باللّفظ اللّفظ الواحد لا جنس اللّفظ وإلاّ لصدق المشترك على مجموع اللّفظين الموضوع كل منهما لمعنى واحد لصدق جنس اللّفظ الموضوع لمعنيين عليهما والمراد بالوحدة الوحدة الأصليّة لا العارض بسبب الإعلال كالمختار فإن اسم الفاعل من باب الافتعال هو مفتعل بكسر العين واسم المفعول بفتحه فهو في الأصل مختير بالكسر ومختير بالفتح والإعلال أوجب الاتحاد وكذا العارض بسبب الإعلال والتّركيب مع كلمة أخرى مثل كلمة إنّ فإنّها حرف وفعل وأمر من وأى يئي إذا وعد أكد بالنون فإن فعل الأمر منه أبعد الإعلال وبعد تركيبه مع النّون اتحد مع الحرفيّة نعم لو كان الوضع ثابتا بعد الإعلال الموجب للاتحاد لصدق عليه الاشتراك كما يمكن ذلك في مثل إن فإنّه حرف شرط وفعل أمر من وأن يئن لإمكان أن يقال إنّ إن بنفسه موضوع للأمر لا أن صيغة افعل موضوعة وأصل إن أوئن صار بالإعلال إن والضّابط هو الاتحاد الحاصل قبل الوضع فإن حصل صدق الاشتراك سواء كان أصليا أو عارضيا وإلاّ فلا ثم إنّ المراد بتعدد الوضع إمّا تعدد الإنشاء كأن يقول وضعت العين للباصرة ووصفته للجارية أو المراد كون الملحوظ له بالاستقلال متعددا وإن اتحد الإنشاء لإمكان وضع اللّفظ بإزاء معان عديدة بإنشاء واحد وهو على قسمين أحدهما أن يلاحظ تلك المعاني بعنوان خاص ويضع لها اللّفظ باعتبار دخولها في ذلك العنوان فلا يكون كل واحد من تلك المعاني ملحوظا بالاستقلال ككلمة هذا إذ لوحظ عنوان المشار إليه ووضع هذا بإزاء جزئيّاته فإن الملحوظ حينئذ ليس كل واحد واحد من حيث الخصوصيّة والاستقلال بل الملحوظ هو كل منها بعنوان المشار إليه والثّاني أن يلاحظ تلك المعاني بعنوان مخصوص هو آلة لملاحظتها لكن يضع اللّفظ لكل منها بخصوصه كما يقول وضعت لفظ زيد بإزاء هؤلاء الجماعة فإن الموضوع له حينئذ هو كل واحد منهم بخصوصه لا لكونه من جملة عنوان الجماعة وذكر العنوان المذكور إنّما هو لمحض كونه آلة لملاحظة تلك الأشخاص إذا عرفت هذا فنقول لا يطلق الاشتراك على القسم الأوّل وأما القسم الثّاني فالتحقيق أنّه داخل في الاشتراك وحينئذ فالأولى إرادة المعنى الثّاني من الوضعين أعني ما تعدد فيه المعنى الملحوظ المستقل ليشمل هذا القسم إذ لو أريد منه تعدد الإنشاء خرج هذا القسم عن الاشتراك ويشكل الأمر في المشتقات الّتي لها معان متعددة باعتبار اشتراك مصادرها كالضارب فإنّه بمعنى من صدر منه الضّرب بمعنى السّير أو المعنى المعروف مثلا إن قلنا باشتراك الضّرب