الأمر الثّاني لموافقته له وإن كان فاسدا باعتبار الأمر الأول فالتسمية فيه أيضا لاحقة للحج الصّحيح فما معنى استثناء الشّهيد له قلنا الأمر الثّاني إنّما يتعلق بإتمامه لا بتمامه لامتناع تعلق الأمر اللاحق بالفعل السابق ولا ريب أن الباقي بعض الحج فلا يكون حجا والمجموع ليس مأمورا به فيكون فاسدا وقد أطلق عليه الحج انتهى ملخصا وفيه أن النّقض بالصوم لا وجه له إذ ليس في الأخبار ما يدل على وجوب إتمام الصّوم نعم يجب الإمساك بعد إفساد الصّوم وهو تكليف مستقل بخلاف الحج حيث أمر بإتمامه وأطلق عليه الحج بخلاف الصّوم إذ لا يطلق على الفاسد أنّه صوم وما أجاب به عن الإيراد يمكن المناقشة فيه بأن المجموع أيضا صحيح لكونه موافقا لأمرين فأجزاؤه المتحققة قبل الإفساد موافقة للأمر الغيري الّذي كان متعلقا بتلك الأجزاء لكونها مقدمة للكل فهي حين وجودها متصفة بالصحة بهذا المعنى وطرو الفساد لا يخرجها عن الصّحة بهذا المعنى لتحققها جزما والأجزاء المتأخرة موافقة للأمر الثّاني فيصدق على المجموع أنّه صحيح ثم إنّ هذا لا يناسب ما ذكره في الاعتراض من أن المطلوب لا يكون فاسدا بل المناسب أن يقول إنّ المطلوب ليس حجا في الجواب عما ذكره المفسر من أن المطلوب هو الحج الفاسد فإنه أراد من كونه مطلوبا أنّه مأمور بإتمامه لا بتمامه فهو يسلم أن المطلوب هو الصّحيح وهو الأجزاء وأن المجموع فاسد فمراده أن المجموع الّذي هو فاسد يصدق عليه أنّه مطلوب ولو بالنسبة إلى بعض أجزائه فالجواب عنه أن يقال إنّ المطلوب ليس حجا لا أنّ المطلوب ليس فاسدا فإنه لا نزاع فيه فتأمّل ثم إنّه يحتمل أن يقال إن مراد الشّهيد أن تلك الألفاظ لا ينصرف إلى الفاسد عند الإطلاق فينصرف مطلقها إلى الصّحيح فلو حلف على ترك الصّلاة في مكان مكروه انصرف إلى الصّحيح فلا يحنث بالفاسد ولو حلف على إتيان الصّلاة انصرف إلى الصّحيح فلو أفسدها لم يبرأ ولم يجب عليه إتمامها إلاّ الحج فإن هذه الثّمرة أعني ثمرة الانصراف إلى الصّحيح منتفية فيه لوجوب إتمام فاسده أيضا وهو بعيد ويحتمل أن يكون المراد أن تلك الألفاظ متى وردت في الشّرع مطلقا حكم بإرادة الصّحيح منها لأي حكم كان بخلاف الحج فإنه لخصوص الحكم بوجوب المضي فيه أريد منه الأعمّ في الشّرع فالحج مطلقا يجب المضي فيه بخلاف سائر الأحكام فإنها منصرفة إلى الصّحيح فلو قال حججت مثلا انصرف إلى الصّحيح أيضا فقوله لوجوب المضي فيه ليس علة وإنّما هو متعلق بيطلق محذوفا إلاّ الحج فإنه يطلق على الأعمّ لخصوص حكم وجوب المعنى دون سائر الأحكام فتأمل ثم قال الشّهيد فلو حلف على ترك الصّلاة والصّوم اكتفى بمسمى الصّحة وهو الدّخول فيها فلو أفسدها بعد ذلك لم يزل الحنث ويحتمل عدمه لأنه لا يسمى بصلاة شرعيا ولا صوما مع الفساد ومراده أنّه لو حلف على ترك الصّلاة في مكان مكروه يكفي في الحنث مجرد الدّخول فيها صحيحا وأشكل بأنه بعد تعلق الحلف حرم إتيان الصّلاة وتعلق بها النّفي المفسد