فى علم الطبيعة الجسم ، فإن إثباته يكون فى الفلسفة الأولى ، فكذلك إثبات الخواص التي يصير بها الجسم موضوعا لعلم الطبيعة ، وهى الحركة والتغير ، يكون فيها. وأما الأعراض التي تلزم بعد الحركة والتغير ، فإثباتها فى علم الطبيعة. فنسبة الجسم المطلق إلى علم الطبيعة كنسبة المعقولات الثانية إلى علم المنطق. ونسبة الحركة والتغير إلى علم الطبيعة كنسبة الجهات والجنسية والنوعية إلى علم المنطق. وأما تحديد الجسم والحركة وتحقيق ماهيتها ، فيصح أن يكون فى علم الطبيعة ، إذ تحديد المبادي والخواص التي تصير بها المبادي موضوعة لعلم ما ، يكون إلى صاحب ذلك العلم إن كان موضوع ذلك العلم مركبا. وأما إثبات المبادي والخواص التي بها تصير المبادي موضوعة لذلك العلم ، فيكون إلى علم آخر ، على ما شرح فى «البرهان». فإثبات الجهات فى علم ما بعد الطبيعة ، وتحديدها فى المنطق ، كما أن إثبات الحركة فى الفلسفة الأولى ، وتحديدها فى علم ما بعد الطبيعة. وخواص الجسم قد تثبت فى علم الطبيعة ، وقد تثبت فى علم ما بعد الطبيعة. والموجب والسالب يثبت فى علم ما بعد الطبيعة فى باب الهو هو والغيرية ، فإنه يؤخذ فيه كليا ، ويصير موضوعا لعلم المنطق. وأما أنه أىّ مقدمة تناقض أىّ مقدمة ، وغير ذلك مما هذا سبيله ، ففى المنطق. فالمعقولات الثانية ، أعنى الكليات الجنسية والنوعية والفصلية والعرضية والخاصية ، ينتفع بها فى التصور. والواجبة والممكنة وغيرها ، ينتفع بها فى التصديق. فهذه الكليات لا على الإطلاق بل على هذه الصفة ، وهو من حيث يتوصل بها من معلوم إلى مجهول ، هى موضوع المنطق. وأما على الإطلاق ، فلا ينتفع بها فى علم. ومثال ذلك الصوت المطلق لا ينتفع به فى علم الموسيقى ، بل الصوت من حيث يقبل التأليف هو موضوع الموسيقى. فالمعقولات الثانية على نوعين : مطلقة ، ومشروط فيها بشرط ما ، وتصير بذلك الشرط موضوعا لعلم المنطق.
إذا صار الكلى مقدمة فقد صار موضوعا ، ويكون النظر فيه منطقيا لا كليا.
إثبات نحو وجود الشىء هو أن يبيّن أى وجود يخصه.
تبيين ماهية الكلى والجزئى والشخصى وتبيين بعض لوازم هذه الأشياء كالجنسية والفصلية والنوعية ، وجهاتها ، فى المنطق. وإثبات وجودها فى الفلسفة الأولى.
أنحاء التعليم فى كل فن ، وأنحاء كل فن ما يبحث عنه فى ذلك الفن. وليس فى المنطق أنها تعليم الموجودات بما هى موجودات ، وإنما ذلك فى العلم الكلى والجنسى والفصل والنوع والخاصة والعرض ، من أنحاء تعليم الكلى ، لا من المنطق.