ثم قال : أخاف أن لا يتفقوا. فعزم على أن يعزل بالأمر الى ولد علي من الحسن والحسين ، فكتب الى ثلاثة نفر. منهم جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهالسلام ، ووجه بالكتب مع رجل من مواليهم من ساكني الكوفة فبدأ بجعفر بن محمد عليهالسلام فلقيه ليلا وأعلمه أنه رسول أبي سلمة وأن معه كتابا اليه منه ، فقال : وما أنا وأبو سلمة وهو شيعة لغيرى؟ فقال الرسول : تقرأ الكتاب وتجيب عليه بما رأيت فقال جعفر عليهالسلام لخادمه : قدم مني السراج. فقدمه فوضع عليه كتاب أبي سلمة فأحرقه ، فقال : ألا تجيبه؟ فقال : قد رأيت الجواب. فخرج من عنده وأتى عبد الله بن الحسن بن الحسن فقبل كتابه وركب الى جعفر بن محمد عليهالسلام فقال له : أي امر جاء بك يا أبا محمد لو اعلمتني لجئتك؟ فقال : أمر يجل عن الوصف ، قال : وما هو يا أبا محمد؟ قال : هذا كتاب أبي سلمة يدعوني لأمر ويراني أحق الناس به ، وقد جاءته شيعتنا من خراسان. فقال له جعفر الصادق عليهالسلام : ومتى صاروا شيعتك؟ أنت وجهت أبا سلمة الى خراسان وأمرته بلبس السواد؟ هل تعرف أحدا منهم باسمه ونسبه؟ كيف يكونون من شيعتك وأنت لا تعرفهم ولا يعرفونك؟ فقال : عبد الله أن كان هذا الكلام منك لشيء. فقال جعفر عليهالسلام : قد علم الله أني أوجب على نفسي النصح لكل مسلم فكيف أدخره عنك؟ فلا تمنين نفسك الأباطيل ، فان هذه الدولة ستتم لهؤلاء القوم ولا تتم لأحد من آل أبي طالب ؛ وقد جاءني مثل ما جاءك. فانصرف غير راض بما قاله وأما عمر بن علي بن الحسين فرد الكتاب وقال ما أعرف كاتبه فاجيبه ، ومات عبد الله المحض في حبس أبي جعفر الدوانيقي مخنوقا.
وروى أبو الفرج الاصفهاني في كتاب «مقاتل الطالبيين» عمن لم يحضرني اسمه (١) الآن ، قال : كنا جلوسا مع فلان (٢) وذكر اسم الذي كان يتولى
__________________
(١) رواه عن عمر عن أبي زيد عن عيسى عن عبد الرحمان بن عمران بن أبي فروة.
(٢) هو أبو الأزهر مولى المنصور الدوانيقي.