العرب كانت تقول : زيد بن محمّد ، على عادتهم في تبنّي العبيد ، فأبطل الله ذلك ونهى عن سنّة الجاهليّة ...
قيل لمحمّد ابن الحنفيّة : لِم يغرّر بك أبوك في الحرب ولم لا يغرّر بالحسن والحسين ؟ فقال : لأنّهما عيناه ، وأنا يمينه ، وهو يذبُّ عن عينيه بيمينه (١).
وروى الخطيب عن عبد الله بن عبّاس قال : كنت أنا وأبي العبّاسُ بن عبد المطّلب جالسين عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ دخل عليُّ بن أبي طالب ، فسلّم فردّ عليه رسول الله : وبشَّ به وقام إليه واعتنقه وقبّل بين عينيه وأجلسه عن يمينه ، فقال العبّاس : يا رسول الله ، أتحبُّ هذا ؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا عمَّ رسول الله ، والله لله أشدُّ حباً له منّي ، إنّ الله جعل ذرّيّة كلّ نبيّ في صلبه ، وجعل ذرّيّتي في صلب هذا (٢).
وجرت مناظرة طويلة بين الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام وبين هارون الرشيد ، وفيه قال له هارون : لم جوَّزتم للعامّة والخاصّة أن ينسبوكم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقولون لكم : يا بني رسول الله ، وأنتم بنو عليّ ؟ وإنّما ينسب المرء إلى أبيه ، وفاطمة إنّما هي وعاء ، والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جدُّكم من قبل اُمّكم ! فقلت : يا أمير المؤمنين ، لو أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه ؟ فقال : سبحان الله ! ولم لا اُجيبه بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك. فقلت : لكنّه عليهالسلام لا يخطب إليّ ولا اُزوِّجه. فقال : ولم ؟ فقلت : لأنّه ولدني ولم يلدك. فقال : أحسنت يا موسى.
ثم قال : كيف قلتم إنّا ذرّيَّة النبي ، والنبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعقب ، وإنّما العقب للذكر لا للاُنثى ، وأنتم ولد الابنة ولا يكون لها عقب ؟ فقلت : أسألك بحقّ القرابة والقبر ومن فيه إلا ما أعفيتني عن هذه المسألة ، فقال : أو لا تخبرني بحجّتكم فيه يا ولد عليّ ، وأنت يا موسى يعسوبهم وإمام زمانهم ؟ كذا اُنهي إليَّ ، ولست أغفيك في كلّ ما أسألك عنه حتّى تأتيني فيه بحجّة من كتاب الله ، فأنتم تدّعون معشر ولد عليّ أنّه لا يسقط عنكم منه شيء ألف ولا واوٌ إلا وتأويله عندكم ، واحتججتم بقوله عزّ وجلّ : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي
__________________
(١) شرح النهج : ١١ / ٢٦.
(٢) تاريخ بغداد : ١ / ٣١٦ ـ ٣١٧.