انسان ... بل كائن الهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة ... فقد اجتمعت في هذه المرأة جميع الخصال الكمالية المتصورة للانسان وللمرأة. انها المرأة التي تتحلى بجميع خصال الانبياء ... المرأة التي لو كانت رجلا لكانت نبيا ... لو كانت رجلا لكانت بمقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. غدا يوم المرأة حيث ولدت جميع ابعاد منزلتها وشخصيتها ، غدا ذكرى مولد الكائن الذي اجتمعت فيه المعنويات ، والمظاهر الملكوتية ، والالهية والجبروتية والملكية والانسية ، غدا ميلاد الإنسان لجميع الانسانية من معنى ، غدا ميلاد امرأة بكل ما تحمله كلمة « المرأة » من معنى ايجابي. ان المرأة تتسم بأبعاد مختلفة كما هو الرجل ، وان هذا المظهر الصوروي الطبيعي يمثل ادنى مراتب الإنسان ادنى مراتب المرأة ، وادنى مراتب الرجل ، بيد ان الإنسان يسمو في مدارج الكمال انطلاقا من هذه المرتبة المتدنية ، فهو في حركة دؤوبة من مرتبة الطبيعة إلى مرتبة الغيب ، إلى الفناء في الالهية وان هذا المعنى متحقق في الصديقة الزهراء ، التي انطلقت في حركتها من مرتبة الطبيعة وطوت مسيرتها التكاملية بالقدرة الالهية ، بالمدد الغيبي وبتربية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لتصل إلى مرتبة دونها الجميع. امرأة هي مغفرة بيت النبوة وتسطع كما تسطع الشمس في جبين الاسلام العزيز ، امرأة تماثل فضائلها الرسول الاكرم والعترة الطاهرة غير متناهية ... امرأة لا يفي حقها من الثناء كل من يعرفها مهما كانت نظرته ، ومهما ذكر لأن الاحاديث التي وصلتنا عن بيت النبوة هي على قدر أفهام المخاطبين ، واستيعابهم فمن غير الممكن صب البحر في جرة ، ومهما تحدث عنها الاخرون فهو على قدر فهمهم ولا يضاهي منزلتها. اذن فمن الاولى ان نمر سريعا من هذا الوادي العجيب.
وكانت الصديقة فاطمة عليهاالسلام عابدة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، فمتى ما كانت تقوم في محرابها بين يدي الله تعالى ، زهر عند ذلك نورها لملائكة السماوات والأرض كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض (١) ، وروت هي سلام الله عليها انها قالت : سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : ان في الجمعة لساعة لا يراقبها رجل مسلم يسأل الله عز وجل فيها خيرا إلاّ اعطاه اياه. فقلت : يا رسول الله أي ساعة هي ؟ قال اذا تدلى
__________________
(١) امالي الصدوق : ٣٩٤ ح ١٨ بشارة المصطفى : ٢١٨.