الضياع ، وانت قد أقمت الصلاة بأهدافها ومبادئها قبل مصرعك ، وقبل يوم شهادتك. على ان السجود هو على التربة الحسينية ، وليس للتربة ، وهناك فرق بين السجود على الشيء والسجود للشيء ، فالسجود للأشياء قطعا حرام. كأن يسجد احد الناس لصنم أي يسجد له لا عليه. في حين ان السجود على التربة انما هو سجود لله وليس للتربة. فالتربة ليست اكثر من انها تحقق مصداق السجود على الأرض لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول : جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا ، ونحن نعرف ان المسلمين كانوا يصلون على تراب المسجد في ايام رسول الله. ثم ان التسبيح جاء في اطار التربية ، فهو يبدأ بالله ، وينتهي بالله ، وانه ليلخص مسيرة الحضارة الاسلامية ، من منطلقها وإلى هدفها ... من الله وإلى الله فهو يبدأ بالله اكبر ... وينتهي بسبحان الله ، فيكون قد بدأ بالله واختتم بالله ، في حين ان هذا المعنى لم يكن ليحصل لو كان البدأ بالحمد لله مثلاً. اذن : فالتسبيح ـ تسبيح الزهراء ـ قد جاء في اطار تربوي لانه يستقي نوره من القرآن الكريم ، والقرآن ، قد جاء للتربية ، واول آية ، وسورة نزلت في القرآن ، نجدها نزلت في اطار تربوي ، فأول كلمة فيه هي : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ). ولم يقل : اقرأ باسم الله مثلا ، وانما قال : اقرأ باسم ربك وكلمة الرب مأخوذة من التربية ، بمعنى ان القراءة يجب ان تأتي في اطار تربوي. ونفس الشيء في تسبيح فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وروي في كتاب مزار المفيد عن الإمام الصادق عليهالسلام انه قال : ان فاطمة كانت مسبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات ، فكانت عليهاالسلام بيدها تديرها تكبر وتسبح إلى ان قتل حمزة بن عبد المطلب عليهالسلام فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس ... (١). وهنا اود ان اتوقف معكم لحظات نتأمل من خلالها هذا الحديث العظيم اذ لا شك ان ذهابها إلى قبر سيد الشهداء الحمزة بن عبد المطلب الذي هدَّ مصرعه قلب النبي فقال في تأبينه : ما وقفت موقفا أغيظ علي من هذا الموقف حيث كانت هند زوجة ابي سفيان قد قامت بأبشع جريمة يمكن ان تقوم بها امرأة في مثل وضع هند آكلة الاكباد ، اذ شقت صدر الحمزة واخرجت كبده وارادت ان تمضغها
__________________
(١) المزار الكبير : ١٤٩ / ح ٢٠٧ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ١٢ ح ٢.