هذه الامة بعد ان تفقد ولاءها لهذا المثل تصاب بالتشتت ، بالتمزق ، بالتبعثر ، تكون كما وصف القرآن الكريم « بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون » (١). بأسهم بينهم شديد باعتبار أن هذه الامة التي لا يجمعها شيء الا تماثل الوجوه وتقارب الوجوه لا يجمعها مثل اعلى لا تجمعها طريقة مثلى ، لا يجمعها سبيل واحد ، قلوب متفرقة اهواء متشتتة ارواح مبعثرة وعقول مجمدة في حالة من هذا القبيل لا تبقى امة وانما يبقى شبح امة فقط ، وفي ظل هذا الشبح سوف ينصرف كل فرد في هذه الامة ينصرف الى همومه الصغيرة ، الى قضاياه المحدودة لانه لا يوجد هناك مثل اعلى تلتف حوله الطاقات ، تلتف حوله القابليات والامكانات تحشد من اجله التضحيات لا يوجد هذا المثل الاعلى حينما يسقط هذا المثل الاعلى تسقط الراية التي توحد الامة ، يبقى كل انسان مشدود الى حاجاته المحدودة ، الى مصالحه الشخصية الى تفكيره في اموره الخاصة كيف يصبح وكيف يمسي وكيف ياكل وكيف يشرب وكيف يوفر الراحة والاستقرار له ولاولاده ولعائلته أي راحة وأي استقرار ، الراحة بالمعنى
__________________
(١) سورة الحشر : الآية (١٤).