فيقولون : ما لنا إله إلّا الله وما كنا نعبد غيره ، فينصرف الله تعالى فيمكث ما شاء أن يمكث ، ثمّ يأتيهم فيقول : أيّها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون ، فيقولون والله ما لنا إله إلّا الله وما كنا نعبد غيره ، فيكشف لهم عن ساق ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون أنه ربّهم ، فيخرون سجّدا على وجوههم ويخر كل منافق على قفاه يجعل الله أصلابهم كصياصي البقر ، ثمّ يضرب الصراط بين ظهراني جهنم» [١٧] (١).
أخبرنا عقيل بن محمد بن أحمد أن أبا الفرج البغدادي القاضي ، أخبرهم عن أبي جعفر الطبري ، حدّثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدّثنا أبي وشعيب بن الليث عن الليث ، حدّثنا خالد بن يزيد بن أسلم عن أبي هلال ، قال أبو جعفر : وحدّثني موسى بن عبد الرحمن بن المسروقي ، حدّثنا جعفر بن عون ، حدّثنا هشام بن سعيد ، حدّثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ألا ليلحق كل أمة بما كانوا يعبدون (فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب الأوثان مع أوثانهم وأصحاب كلّ آلهة مع آلهتهم) (٢) فلا يبقى أحد كان يعبد صنما ولا وثنا ولا صورة إلّا ذهبوا حتى يتساقطون في النار ، ويبقى من كان يعبد الله وحده من بر وفاجر وغبرات من أهل الكتاب ، ثمّ يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب يحطم بعضها ، بعضا ثمّ يدعى اليهود فيقال : ماذا كنتم تعبدون؟
فيقولون : عزير بن الله فيقول : كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فماذا تريدون؟ فيقولون : أي ربنا ظمئنا اسقنا فيقول : أفلا تردّون فيذهبون حتى يتساقطون في النار ، ثمّ يدعى النصارى فيقول : ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون : (الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) فيقول : كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تريدون؟ فيقولون : أي ربّنا ظمئنا اسقنا ، فيقول : أفلا تردّون فيذهبون فيتساقطون في النار ، فيبقى من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر ، ثمّ يأتي الله تعالى جل جلاله لنا في صورة غير صورته التي رأيناه فيها أوّل مرة ، فيقول : أيها الناس لحقت كل أمة بما تعبد ، ونحن ننظر ربنا الذي كنا نعبد ، فيقول : أنا ربكم فيقولون : نعوذ بالله منك ، فيقول : هل بينكم وبين الله من آية تعرفونها؟ فيقولون : نعم ، فيكشف عن ساق فيخرون سجدا لله تعالى أجمعون ، ولا يبقى من كان سجد في الدنيا سمعة ورياء ولا نفاقا إلّا صار ظهره طبقا واحدا ، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ، ثمّ يدفع برّنا ومسيئنا وقد عاد لنا في صورته التي رأيناه فيها أوّل مرّة ، فيقول : أنا ربكم فيقولون : نعم أنت ربّنا ثلاث مرّات» [١٨] (٣).
__________________
(١) الدر المنثور : ٥ / ٣٤١ بتفاوت.
(٢) غير موجود في المصدر.
(٣) جامع البيان للطبري : ٢٩ / ٥٠.