(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) أي بمرأى منّا. مقاتل بن حيان : بحفظنا ، ومنه قول الناس للدموع : عين الله عليك. مقاتل بن سليمان : بوحينا. سفيان : بأمرنا. (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) يعني فعلنا ذلك ثوابا لنوح ، ومجاز الآية : لمن جحد وأنكر وكفر بالله فيه ، وجعل بعضهم (من) هاهنا بمعنى (ما) ، وقال معناه : (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) من أيادي الله ونعمائه عند الذين غرقهم ، وإليه ذهب ابن زيد ، وقيل : معناه عاقبناهم لله ولأجل كفرهم به.
وقرأ مجاهد جَزاءً لِمَنْ كانَ كَفَرَ بفتح الكاف والفاء يعني كان الغرق جزاء لمن يكفر بالله ، وكذب رسوله فأهلكهم الله.
وما نجا من الكفّار من الغرق غير عوج بن عنق كان الماء إلى حجزته ، وكان السبب في نجاته على ما ذكر أن نوحا عليهالسلام احتاج إلى خشب ساج للسفينة فلم يمكنه نقلها ، فحمل عوج تلك الخشبة إليه من الشام. فشكر الله تعالى ذلك له ونجّاه من الغرق.
(وَلَقَدْ تَرَكْناها) يعني السفينة (آيَةً) عبرة.
قال قتادة : أبقاها الله بباقردى من أرض الجزيرة عبرة وآية ، حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة نظرا ، وكم من سفينة كانت بعدها قد صارت رمدا. (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) متّعظ معتبر وخائف مثل عقوبتهم.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) أي إنذاري. قال الفرّاء : الإنذار والنذر مصدران تقول العرب : أنذرت إنذارا ونذرا ، كقولك : أنفقت إنفاقا ونفقة ، وأيقنت إيقانا ويقينا.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا) سهّلنا وهوّنّا (الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) اي ليتذكر ويعتبر به ويتفكر فيه ، وقال سعيد ابن جبير : يسّرنا للحفظ ظاهرا ، وليس من كتب الله كتابا يقرأ كله ظاهرا إلّا القرآن. (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) متّعظ بمواعظه.
أخبرني الحسن بن محمد بن الحسين ، قال : حدّثنا موسى بن محمد بن علي ، قال : حدّثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن راهويه قال : حدّثنا أبو عمير بن النحاس ببيت المقدس ، قال : حدّثنا ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب عن مطر الوراق في قول الله سبحانه (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قال : هل من طالب علم فيعان عليه.
(كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ) شؤم وشرّ (مُسْتَمِرٍّ) وكان يوم الأربعاء ، مستمر : شديد ماض على الصغير والكبير فلم تبق منهم أحدا إلّا أهلكته ، وقرأ هارون الأعور (نَحْسٍ) بكسر الحاء.
(تَنْزِعُ النَّاسَ) تقلع الناس ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدقّ رقابهم ، قال ابن إسحاق : لمّا هاجت الريح قام نفر من عاد سبعة يسمى لنا منهم ستّة من أشدّ عاد وأجسمها منهم : عمرو بن