ولا يخفى فساد ما ذكره ، إذ كم من خبر في «الفقيه» مبني على التقيّة بحيث لا تأمّل فيه ، مع أنّ مجرّد ما ذكره في الخطبة لا يمنع الحمل على التقيّة ، ولا يوجب منع هذا الحمل بعد ما ظهر على مجتهد آخر ، سيّما مثل الشيخ ممّن ليس له نظير في معرفة مذاهب العامّة وما هو مناسب مذهبهم ، سيّما مع عدم ظهور قول الصدوق بمضمونها ، إذ في «الفقيه» كثيرا ما يأتي بالخبر الذي لا يفتي به ، بل يفتي بخلافه ولذا قال جدّي العلّامة المجلسي رحمهالله في شرحه على ذلك الكتاب : أنّه رحمهالله رجع عمّا ذكره في الخطبة بعد ما دخل في كتابه (١).
مع أنّ فتواه في «الفقيه» ليس إلّا على وفق ما ذهب إليه باقي الأصحاب (٢) ، وخالف ابن الجنيد صريحا ، بحيث لا يبقى مجال للشبهة أصلا.
نعم ، بعد ما أفتى صريحا بأنّ التكبير في الاولى أيضا بعد القراءة ، روى رواية أبي الصباح ، وقد عرفت عدم دلالتها على مذهب ابن الجنيد (٣) ، لأنّ كلمة الواو لا تفيد الترتيب ، كما أنّ الترتيب الذكري أيضا لا يفيد الترتيب على ما عليه المحقّقون.
مع أنّ الظاهر حملها على ما أفتى به ، ولذا ما نسبه أحد إلى موافقته لابن الجنيد ، بل صرّح في «المدارك» بموافقة الصدوق للمشهور (٤).
مع أنّ غالب ما حمل على التقيّة وحمله عليها من المسلّمات والمقبولات ليس بحيث اتّفق الشيعة على خلافه ، بل وافقهم بعضه ، حتّى حلّية القياس وافقهم ابن
__________________
(١) روضة المتّقين : ١ / ١٧.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٢٤ ذيل الحديث ١٤٨٤.
(٣) راجع! الصفحة : ٣٧٠ و ٣٧١ من هذا الكتاب.
(٤) مدارك الأحكام : ٤ / ١٠٥.