عبد الله الرازي قال : أخبرنا سلمان بن علي قال : أخبرنا هشام بن عمار قال : حدّثنا عبد المجيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن سلام في قول الله سبحانه (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) قال : دمشق ، وقال أبو هريرة : هي الرملة ، قتادة وكعب : بيت المقدس ، قال كعب : وهي أقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلا. ابن زيد : مصر ، الضحّاك : غوطة دمشق ، أبو العالية : إيليا وهي الأرض المقدسة ، ويعني بالقرار الأرض المستوية والساحة الواسعة ، والمعين : الماء الظاهر لعين الناظر ، وهو مفعول من عانه يعينه إذا أدركه البصر ورآه ، ويجوز أن يكون فعيلا معن يمعن فهو معين من الماعون.
(يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) يعني من الحلالات ، يعني : وقلنا لعيسى : (كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) ، وهذا كما يقال في الكلام للرجل الواحد : أيّها القوم كفّوا عنّا أذاكم ، ونظائرها في القرآن كثيرة. قال عمرو بن شريل : كان يأكل من غزل أمّه ، وقال الحسن ومجاهد : المراد به محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هذِهِ) قرأه أهل الكوفة بكسر الألف على الابتداء ، وقرأ ابن عامر بفتح الألف وتخفيف النون جعل إنّ صلة مجازه : وهذه أمتّكم ، وقرأ الباقون بفتح الألف وتشديد النون على معنى هذه ، ويجوز أن يكون نصبا بإضمار فعل ، أي واعلموا أنّ (هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) أي ملّتكم ملّة واحدة وهي دين الإسلام.
(وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً) قرأه العامة بضم الباء يعنى كتبا ، جمع زبور بمعنى : دان كلّ فريق منهم بكتاب غير الكتاب الذي دان به الآخر ، قاله مجاهد وقتادة ، وقيل : معناه فتفرقوا دينهم بينهم كتبا أحدثوها يحتجون فيها لمذاهبهم ، قاله قتادة وابن زيد ، وقرأ أهل الشام بفتح الباء أي قطعا وفرقا كقطع الحديد ، قال الله سبحانه (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) (١).
(كُلُّ حِزْبٍ) جماعة (بِما لَدَيْهِمْ) عندهم من الدين (فَرِحُونَ) معجبون مسرورون (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ) قال ابن عباس : كفرهم وضلالتهم (٢) ، ابن زيد : عماهم ، ربيع : غفلتهم (حَتَّى حِينٍ) إلى وقت مجيء آجالهم.
(أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ) نعطيهم ونزيدهم (مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) في الدنيا (نُسارِعُ) نسابق (لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ) ومجاز الآية : أيحسبون ذلك مسارعة لهم في الخيرات ، وقرأ عبد الرّحمن ابن أبي بكر : يُسارَعُ على ما لم يسم فاعله ، والصواب قراءة العامة لقوله سبحانه (نُمِدُّهُمْ).
(بَلْ لا يَشْعُرُونَ) أنّ ذلك استدراج لهم ، ثمّ بيّن المسارعين الى الخيرات فقال عزّ من
__________________
(١) سورة الكهف : ٩٦.
(٢) في النسخة الثانية زيادة : الضحاك : حيرتهم.