ابن معبد عن موسى بن أعين ، عن بشير بن أبي سليمان ، عن عمرو بن مرّة عن شهر بن حوشب [عن أمّ الدرداء] عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من امرئ يردّ عن عرض أخيه إلّا كان حقّا على الله سبحانه أن يردّ عنه نار جهنّم يوم القيامة» [١٧٩] (١) ، ثمّ تلا هذه الآية : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
(اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) أخبرني ابن فنجويه عن مخلد الباقرحي ، عن الحسن بن علوية ، عن إسماعيل بن عيسى ، عن إسحاق بن بشر ، أخبرنا إدريس أبو الياس ، عن وهب بن منبه : أنّ الأرض شكت إلى الله عزوجل أيّام الطوفان لأنّ الله عزوجل أرسل الماء بغير وزن ولا كيل فخرج الماء غضبا لله عزوجل فخدش الأرض وخدّدها فقالت : يا ربّ إنّ الماء خدّدني وخدشني ، فقال الله عزوجل فيما بلغني ـ والله أعلم ـ إنّي سأجعل للماء غربالا لا يخدّدك ولا يخدشك ، فجعل السّحاب غربال المطر. (فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) ردّ الكناية إلى لفظ السحاب لذلك ذكرها. والسحاب جمع كما يقال : هذا تمر جيّد (وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً) قطعا متفرّقة. (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) وسطه. وقرأ ابن عبّاس من خلله. (فَإِذا أَصابَ بِهِ) أي بالودق (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَإِنْ كانُوا) وقد كانوا (مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) وقيل : وما كانوا إلّا. قال قطرب والفائدة في تكرار قبل هاهنا أنّ الأولى للإنزال والثّانية للمطر ، وقيل على التأكيد ، كقول الله عزوجل : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) (٢) كرّر تحسبنّ للتأكيد. وقال الشاعر :
إذا أنا لم أؤمن عليك ولم يكن |
|
لقاؤك إلّا من وراء وراء (٣) |
وفي حرف ابن مسعود لا تحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا بمفازة من العذاب غير مكرّر ، وفي حرفه أيضا : وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم لمبلسين غير مكرّر.
قوله عزوجل : (فَانْظُرْ إِلى آثارِ) بالألف على الجمع ـ أهل الشام والكوفة. واختلف فيه عن أصم ، غيرهم : أثر على الواحد (رَحْمَتِ اللهِ) يعني المطر (كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من البعث وغيره.
(وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً) باردة مضرّة فأفسدت ما أنبت الغيث (فَرَأَوْهُ) يعني الزرع والنبات كناية عن غير مذكور (مُصْفَرًّا) يابسا بعد خضرته ونضرته (لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) وقد رأوا هذه الآيات الواضحات ، ثمّ ضرب لهم مثلا فقال : (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ
__________________
(١) كنز العمال : ٣ / ٤١٨ ـ بتفاوت يسير.
(٢) آل عمران : ١٨٨.
(٣) الصحاح : ٦ / ٢٥٢٣.