يسار وللآخر خير ، وكانا يصنعان السيوف بمكة وكانا يقرآن بالتوراة والإنجيل ، فربما مرّ بهما النبي صلىاللهعليهوسلم وهما يقرآن فيقف فيسمع (١).
وقال الضحاك : وكان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا آذاه الكفار يقصد إليهما فيستروح بكلامهما ، فقال المشركون : إنما يتعلم محمّد منهما ، فنزلت هذه الآية.
وقال السدي : كان بمكة رجل نصراني يقال له ابن ميسرة يتكلّم بالرومي ، فربما يقعد إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال الكفار : إنما يتعلم محمّد منه ، فنزلت هذه الآية.
وروى علي بن الحكم وعبيد بن سليمان عن الضحاك : (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) قال : كانوا يقولون : إنما يعلمه سلمان الفارسي ، وهذا قول غير مرضي ؛ لأن سلمان إنما أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة وهذه الآية مكية.
قال الله تكذيبا لهم [وإلزاما] للحجة عليهم : (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ) أي يميلون إليه ويشيرون إليه. وخص الكسائي هذا الحرف من بين سائره فقرأ بفتح الياء والحاء ؛ لأنه كان يحدّثه عن سفيان عن أبي إسحاق عن أصحاب عبد الله كذلك.
(أَعْجَمِيٌ) والفرق بين الأعجمي والعجمي ، والعربي والإعرابي : أن الأعجمي لا يفصح وأنه كان نازلا بالبادية والعجمي منسوب إلى العجم وإن كان فصيحا. والإعرابي : البدوي ، والعربي منسوب إلى العرب وإن لم يكن فصيحا.
(وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) فصيح ، وأراد باللسان القرآن ؛ لأن العرب تقول للقصيدة واللغة : لسان ، كقول الشاعر :
لسان السوء تهديها إلينا |
|
وحنت ما حسبتك أن تحينا (٢) |
يعني باللسان القصيدة والكلمة.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ثمّ إن الله تعالى بعد ما أخبر عن إغراء المشركين على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما نسبوه إليه من الافتراء على الله وتبين أنهم المفترون دونه ، فقال عز من قائل : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) لا محمدا.
روى يعلي بن الأشدق عن عبد الله بن حماد قال : قلت يا رسول الله المؤمن يزني؟ قال : «يكون ذلك». قال : قلت : يا رسول الله المؤمن يسرق؟ قال : «قد يكون ذلك». قال : قلت : يا رسول الله المؤمن يكذب؟
__________________
(١) زاد المسير : ٤ / ٣٦٠.
(٢) مغني اللبيب : ١ / ١٨١.