وإن شئت كانوا لك في الآخرة ، وآتيناك مثلهم في الدنيا؟ فقال : يكونون لي في الآخرة ، وأوتي مثلهم في الدنيا.
قال : فرجع إلى مجاهد فقال : أصاب ، ويكون معنى الآية على هذا التأويل وآتيناه أهله في الآخرة ، ومثلهم معهم في الدنيا ، وأراد بالأهل الأولاد.
قال وهب : كان له سبع بنات وثلاثة بنين.
وقال ابن يسار : كان له سبع بنين وسبع بنات ، وقال آخرون : بل ردّهم الله سبحانه بأعيانهم وأعطاه مثلهم معهم ، وهذا قول ابن مسعود وابن عباس وقتادة وكعب قال : أحياهم الله وأوتي مثلهم ، وهذا القول أشبه بظاهر الآية.
وقال الحسن : آتاه الله المثل من نسل ماله الذي ردّ عليه وأهله ، فأمّا الأهل والمال فإنه ردّهما عليه بأعيانهما.
(رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) عظة لهم (وَإِسْماعِيلَ) يعني ابن إبراهيم (وَإِدْرِيسَ) وهو أخنوخ (وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) على أمر الله ، واختلفوا في ذي الكفل ، فأخبرني ابن فنجويه بقراءتي عليه في داري قال : حدّثنا عمر بن الخطاب قال : حدّثنا عبد الله (١) الرازي عن سعد مولى طلحة عن ابن عمر قال : سمعت حديثا للنبي صلىاللهعليهوسلم لو لم أسمعه إلّا مرة أو مرّتين لم أحدّث به ، سمعته منه أكثر من سبع مرات ، قال صلىاللهعليهوسلم : «كان في بني إسرائيل رجل يقال له ذو الكفل لا ينزع عن ذنب عمله ، فاتبع امرأة فأعطاها ستّين دينارا على أن تعطيه نفسها ، فلمّا قعد منها مقعد الرجل من المرأة أرعدت وبكت فقال : ما يبكيك؟ قالت : من هذا العمل ، ما عملته قطّ ، قال : أكرهتك؟ قالت : لا ، ولكن حملتني عليه الحاجة ، قال : اذهبي فهو لك ، ثم قال : والله لا أعصي الله أبدا ، فمات من ليلته فقيل مات ذو الكفل ، فوجدوا على باب داره مكتوبا : إنّ الله قد غفر لذي الكفل» (٢).
وروى الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحرث أنّ نبيّا من الأنبياء قال : من يكفل لي أن يصوم النّهار ويقوم الليل ولا يغضب؟ فقام شاب فقال : أنا ، فقال : اجلس ، ثم عاد فقال : من يكفل لي أن يقوم الليل ويصوم النهار ولا يغضب؟ فقام ذلك الشاب فقال : انا ، فقال : اجلس ، ثم عاد فقام الشاب فقال : أنا فقال : تقوم الليل وتصوم النهار ولا تغضب؟ قال : نعم.
__________________
(١) في نسخة أصفهان زيادة : بن الفضل بن فاخورة قال أبو هاشم الرفاعي عن ابن فضيل ، قال الأعمش عن عبد الله بن عبد الله.
(٢) تفسير القرطبي : ١١ / ٣٢٧.