وحكم فيهم ، كذلك وجد عند مطلع الشمس فحكم فيهم بحكم أولئك. وقيل : إنّ الله عزوجل لمّا قصّ عليه خبره قال : (كَذلِكَ) أي كذلك أمرهم والخبر عنهم كما قصصنا عليك ، ثمّ استأنف وقال : (وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ) ، يعني عنده ومعه من الملك والجيوش والآلات (خُبْراً) : علما.
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً. حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) بفتح السّين ، ابن كثير وأبو عمرو وعاصم.
الباقون بالضم. قال الكسائي : هما لغتان ، وهما جبلان سدّ ذو القرنين ما بينهما حاجزا بين يأجوج ومأجوج ومن ورائهم. قال عكرمة : ما كان صنعة بني آدم فهو سدّ ـ بفتح السين ـ وما كان من صنع الله عزوجل فهو السّد ، بالضم. قال ابن عباس : السدان أرمينية وآذربيجان. (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) قرأ الأعمش ويحيى بن وثّاب وحمزة والكسائي يُفْقِهُونَ بضم الياء ، وكسر القاف على معنى (يفهمون) غيرهم ، وقرأ الباقون : (يَفْقَهُونَ) بفتح الياء والقاف ، أي ويعلمون ويفقهون قولا.
(قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ) قيل : كلّمه عنهم قوم آخرون مترجمة ، وبيان ذلك في قراءة ابن مسعود : (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) ، قال الذين من دونهم يا ذا القرنين). وقيل : معناه : لا يكادون يفقهون خيرا من شر ، ولا ضلالا من هدى ، (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) قرأهما عاصم والأعرج مهموزين ، الباقون بغير همزة. وهما لغتان. قالوا : وأصله من (أجيج النّار) ، وهو ضوؤها وشررها ، شبّهوا به في كثرتهم وشدّتهم. قال وهب بن منبه ومقاتل بن سليمان : هو من ولد يافث ابن نوح ، وقال الضحّاك : هم جيل من الترك. وقال كعب : هم نادرة من ولد آدم من غير حوّاء ، وذلك أنّ آدم عليهالسلام قال (١) ذات يوم فاحتلم ، وامتزجت نطفته في التراب ، فلما انتبه أسف على ذلك الماء الذي خرج منه ، فخلق الله تعالى من ذلك الماء يأجوج ومأجوج ، وهم متصلون بنا من جهة الأب دون الأم.
وقوله تعالى : (مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) ، قال سعيد بن عبد العزيز : فسادهم في الأرض أنهم كانوا يأكلون الناس. قال الكلبي : كانوا يخرجون إلى أرضهم أيّام الربيع فلا يدعون فيها شيئا أخضر إلّا أكلوه ، ولا شيئا يابسا إلّا احتملوه فأدخلوه أرضهم ، وقد لقوا منهم أذى شديدا وقتلا. وقيل : معناه : أنهم سيفسدون في الأرض عند خروجهم.
[أخبرنا عبد الله بن حامد الوزّان عن عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن عبد الله النسوي : محمد بن المصفي : يحيى بن سعيد عن محمد بن إسحاق عن] (٢) الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال : سألت النّبي صلىاللهعليهوسلم عن يأجوج ومأجوج ، فقال : «يأجوج أمّة ومأجوج أمّة ، كل أمّة أربعمائة ألف أمّة ، لا يموت الرجل
__________________
(١) أي أصاب قيلولة النهار.
(٢) زيادة عن نسخة اخرى ، وفي النسخة المعتمدة بدله : روى.