كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ) الآية ونظيرها قوله (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) فسمي الكتاب إماما.
روى ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من باب الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب [الريان]».
فقال أبو بكر الصديق رضياللهعنه : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما علي من دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى من تلك الأبواب كلها أحد؟ قال : «نعم ، وأرجو أن تكون منهم» [٣٩] (١).
وتصديق هذا القول أيضا حديث الألوية والرايات.
باذان وسعيد بن جبير عن ابن عبّاس : (بِإِمامِهِمْ) الذي دعاهم في الدنيا إلى الضلالة أو الهدي.
عليّ بن أبي طلحة : بأئمتهم في الخير والشر.
قال الله تعالى (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (٢) قال : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) (٣) ، وقيل : لمعبودهم.
محمّد بن كعب : بأمهاتهم.
قالت الحكماء : في ذلك ثلاثة أوجه من الحكمة أحدها : لأجل عيسى عليهالسلام ، والثاني : أخيار الشرف الحسن والحسين عليهماالسلام ، والثالث : لئلا يفضح أولاد الزنا.
(فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) إلى قوله تعالى (فِي هذِهِ أَعْمى) اختلفوا في هذه الإشارة.
فقال قوم : هي راجعة إلى النعم التي عددها الله في هذه الآيات.
عكرمة : جاء نفر من أهل اليمن إلى ابن عبّاس فسأله رجل عن هذه الآية فقال : اقرأ ما قبلها (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ) إلى قول الله (سَبِيلاً) فقال ابن عبّاس : من كان في هذه النعم التي رأى وعاين أعمى فهو في أمر الآخرة التي لم ير ولم يعاين (أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً).
وقال آخرون : هي راجعة إلى الدنيا يقول (مَنْ كانَ فِي هذِهِ) الدنيا (أَعْمى) عن قدرة الله وآياته (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى).
__________________
(١) صحيح البخاري : ٢ / ٢٢٧ ، وصحيح مسلم : ٣ / ٩١.
(٢) سورة الأنبياء : ٧٣.
(٣) سورة القصص : ٤١.