روى مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربّنا وسعديك ، فيقول : هل رضيتم فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من رضاك؟ فيقول : ألا أعلمكم أفضل من ذلك؟ قالوا : وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا» [٣٠] (١).
(ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٧٤))
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ) بالسيف والقتال (وَالْمُنافِقِينَ).
اختلفوا في صفة جهاد المنافقين ، قال ابن مسعود : بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، فإن لم يستطع فاكفهر (٢) في وجهه. قال ابن عباس : باللسان وشدة الزجر بتغليظ الكلام ، قال الحسن وقتادة : بإقامة الحدود عليهم ، ثم قال (وَمَأْواهُمْ) في الآخرة (جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) قال [ابن مسعود وابن عباس] وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو [والصلح] والصفح.
(يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) قال ابن عباس : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا في ظل شجرة فقال : إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان ، إذا جاء فلا تكلّموه ، فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فانطلق الرجل فجاء بأصحابه ، فحلفوا بالله ما قالوا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).
وقال الضحاك : خرج المنافقون مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى تبوك ، وكانوا إذا خلا بعضهم ببعض سبّوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه وطعنوا في الدين ، فنقل ما قالوا حذيفة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال النبي : «يا أهل النفاق ما هذا الذي بلغني عنكم؟» [٣١] فحلفوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ما قالوا بشيء من ذلك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية إكذابا لهم (٤).
__________________
(١) مسند أحمد : ٣ / ٨٨.
(٢) اكفهر : عبس.
(٣) تفسير الطبري : ١٠ / ٢٣٧.
(٤) أسباب النزول للواحدي : ١٦٩.