وكان عهده وكان على ما أخبره بعد مدّة ، وأهل الردّة كانوا أحد عشر قوما ثلاثة على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم في آخر عمره وسبعة على عهد أبي بكر وواحد في عهد عمر.
فأما الثلاثة الذين كانوا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمنهم بنو مذحج ورئيسهم ذو الخمار عيهلة بن كعب القيسي فلقّب بالأسود وكان كاهنا مشعبذا فتنبّأ باليمن وكان عليهالسلام ولّى بأذان اليمن بجميع نواحيها وكان أوّل من أسلم من ملوك العجم وأول أمير لبلاد اليمن في الإسلام فمات ، وولي رسول الله مكانه شهرا فقتل الأسود الكذّاب شهر بن بأذان وتزوج امرأته لباد واستولى على بلاد اليمن وأخرج عمّال رسول الله صلىاللهعليهوسلم منها ، وكتب عليه إلى معاذ بن جبل ومن معه من المسلمين ، وأمرهم أن يحثوا الناس على التمسّك بدينهم والنهوض إلى حرب الأسود إما غيلة وإما مصادمة ، وكتب عليهالسلام بمثل ذلك إلى حمير من سادات اليمن عامر ابن سهو ، وذي رود وذي مران وذي الكلاع وذي ظلم (١) ففعلوا ما أمرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقاموا بحرب الأسود حتى أهلك الله الأسود على يدي فيروز الديلمي ، وذلك أنه رماه وقتله على رأسه.
قال ابن عمر : أتى الخبر النبي صلىاللهعليهوسلم من السماء الليلة التي قتل فيها العنسي.
فقال عليهالسلام : قتل الأسود البارحة قتله رجل مبارك ، قيل : ومن هو؟ قال : فيروز : فاز فيروز فبشر أصحابه اليوم بهلاك الأسود وقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أخذ وأتى خبر مقتل العنسي المدينة في آخر شهر ربيع الأول بعد مخرج أسامة وكان ذلك أول فتح أتى أبا بكر (٢) ، والفرقة الثانية : بنو حنيفة واليمامة ، ونبيهم مسيلمة الكذّاب ، وكان تنبأ في حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في آخر سنة عشر وزعم أنه أشرك مع محمد في النبوة.
فكتب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، أما بعد فإن الأرض نصفها لي ونصفها لك ، وبعث بذلك رجلين من أصحابه الرجال بن شهب والحكم بن الطفيل وكان من سادات أهل اليمامة ، فقال لهما رسول الله : «أتشهدان أن مسيلمة رسول الله؟ قالا : نعم ، فقال : «لو لا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما». ثم أجاب : «من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذّاب ، أما بعد (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)» (٣) [٨٢] (٤).
ومرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتوفي ، وجعل مسيلمة يعلو أمره باليمامة يوما بعد يوم ، فبعث أبو
__________________
(١) راجع الإصابة : ٢ / ١٥٨.
(٢) راجع تاريخ الطبري : ٢ / ٤٧٣.
(٣) سورة الأعراف : ١٢٨.
(٤) مجمع الزوائد : ٥ / ٣١٥.