إذا تعدى إلى المفعول من غير حرف الباء كان دخول الباء للتبعيض ، كقول القائل : مسحت يدي بالمنديل وإن كان مسح ببعضه.
قال عنترة :
شربت بماء الدحرضين فأصبحت |
|
زوراء تنفر عن حياض الديلم (١) |
ويدل عليه من السنة ما روى عمرو بن وهب النقعي عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلىاللهعليهوسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته وخفّيه ، فاقتصر في المسح على الناصية دون سائر الرأس.
(وَأَرْجُلَكُمْ) اختلف القرّاء فيه ، فقرأ عروة بن الزبير وابنه هشام ومجاهد ، وإبراهيم التميمي وأبو وائل ، والأعمش ، والضحّاك وعبد الله بن عامر ، وعامر ونافع ، والكسائي وحفص وسلام ويعقوب : (وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب وهي قراءة علي بن أبي طالب رضياللهعنه.
وروى عاصم بن كليب عن أبي عبد الرحمن السّلمي ، قال : قرأ عليّ الحسن والحسين فقرءا : وَأَرْجُلِكُمْ بالخفض ، فسمع عليّ ذلك وكان يقضي بين الناس ، فقال : (وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب ، وقال : هذا من المقدم والمؤخر من الكلام.
وقراءة عبد الله وأصحابه. قال الأعمش : كان أصحاب عبد الله يقرؤن : (وَأَرْجُلَكُمْ) نصبا فيغسلون.
وقراءة ابن عباس ، روى عكرمة عنه أنه قرأها : (وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب وقال : عاد الأمر إلى الغسل وهو اختيار أبي عبيد ، وقرأ الباقون بالكسر ، وهي قراءة أنس والحسن وعلقمة والشعبي ، واختيار أبي حاتم ، فمن نصب فمعناه واغسلوا أرجلكم ، ومن خفض فله وجوه ثلاث : أحدها أن المسح يعني الغسل والباء بمعنى التعميم ، يقول تمسّحت للصلاة أي توضأت ، وذلك أن المتوضئ لا يرضى أن يصيب وجهه وذراعيه وقدميه حتّى يمسحها فيغسلها فلذلك سمي الغسل بها ، وهذا قول أبي زيد الأنصاري وأبي حاتم السجستاني.
وقال أبو عبيدة والأخفش وغيرهما : إن الأرجل معطوفة على الرءوس على الإتباع بالجواز لفظا لا معنى. كقول العرب (جحر ضب خرب) قال تعالى (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها) (٢).
قال الشاعر :
ورأيت زوجك في الوغى |
|
متقلدا سيفا ورمحا (٣). |
__________________
(١) لسان العرب : ٢ / ٩٥.
(٢) سورة النساء : ٧٥.
(٣) تفسير الطبري : ١ / ٩٢.