قال عاصم عن عكرمة : إن رجلا أضجع شاته وجعل يحدّ شفرته ليذبحها ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «تريد أن تميتها موتات قبل أن تذبحها!» (١) [١١].
(وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) قال بعضهم : فهو جمع واحدها نصاب ، وقيل : هو واحدة جمعها أنصاب مثل عنق وأعناق.
وقرأ الحسن بن صالح وطلحة بن مصرف : النَّصْبِ بجزم الصّاد.
وروى الحسن بن علي الجعفي عن أبي عمرو : النَّصْبِ بفتح النون وسكون الصّاد.
وقرأ الجحدري : بفتح النون والصّاد [جعله] اسما موحدا كالجبل والجمل والجمع أنصاب كالأجمال والأجبال وكلها لغات وهو الشيء المنصوب ، ومنه قوله تعالى (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) (٢) واختلفوا في معنى النصب هاهنا.
فقال مجاهد وقتادة وابن جريح : كان حول البيت ثلاثمائة وستين حجرا وكان أهل الجاهلية يذكّون عليها يشرّحون اللّحم عليها وكانوا يعظمون هذه الحجارة ويعبدونها ويذبحون لها ، وكانوا مع هذا يبدلونها إذا شاؤوا لحجارة [من قبالهم] (٣) منها ، قالوا : وليست هي بأصنام إنما الصنم ما يصوّر وينقش.
وقال الآخرون : هي الأصنام المنصوبة.
قال الأعشى :
وذا النصب المنصوب لا تستكنّه |
|
لعاقبة والله ربك فاعبدا (٤) |
ثم اختلفوا في معناها. فقال بعضهم : تقديره على اسم النصب. ابن زيد (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) و (ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) هما واحدة.
قطرب : معناه : ما ذبح للنصب أي لأجلها على معنى اللام وهما يتعاقبان في الكلام. قال الله تعالى (فَسَلامٌ لَكَ) (٥) أي عليك ، وقال (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) (٦) أي فعليها ، (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا) معطوف على ما قبله ، وأن في محل الرفع أي وحرم عليكم الاستقسام (بِالْأَزْلامِ) ، والاستقسام طلب القسم والحكم من الأزلام وهي القداح التي لا ريش لها ولا نصل ، واحدها زلم مثل عمر ، وزلم وهي القداح.
__________________
(١) المستدرك للحاكم : ٤ / ٢٣١.
(٢) سورة المعارج : ٤٣.
(٣) هكذا في الأصل.
(٤) الصحاح : ١ / ٢٢٥ ، وتاج العروس : ١ / ٤٨٦.
(٥) سورة الواقعة : ٩١.
(٦) سورة الإسراء : ٧.