كالفراخ من شدة الجوع ، فلما بصر به النبي صلى الله عليه وآله قال : يا ابا الحسن ما اشد ما يسوءني ما أرى بكم؟ فانطلق بنا إلى ابنتى فاطمة فانطلقوا إليها وهى في محرابها وقد لصق ظهرها ببطنها من شدة الجوع ، وغارت عيناها بالدموع فلما رأها النبي صلى الله عليه وآله قال : واغوثاه ، يا الله ، واهل بيت محمد يموتون جوعا فهبط جبرئيل عليه السلام على محمد فقال : يا محمد خذ ما هنأك الله في اهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبرئيل؟ فاقرأه «هل اتى على الانسان حين من الدهر» إلى قوله «انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا» إلى آخر السورة.
فزاد ابن مهران الباهلى في الحديث : فوثب النبي صلى الله عليه وآله حتى دخل على فاطمة عليها السلام ورأى ما بهم ، انكب عليهم يبكى ثم قال لهم : انتم مذ ثلاث فيما ارى وانا غافل عنكم ، فهبط جبرئيل عليه السلام بهذه الايات (١).
وزاد محمد بن على صاحب الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف «بالبلعة» : انهم عليهم السلام نزلت عليهم مائدة من السماء فأكلوا منها سبعة ايام ، وحديث المائدة ونزولها عليهم في جواب ذلك مذكور في سائر الكتب قال الثعلبي : قوله عزوجل : «ان الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا.
عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا» (٢) قال : هي عين في دار النبي صلى الله عليه وآله تفجر إلى دور الانبياء عليهم السلام والمؤمنين ، (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) يعنى عليا وفاطمة والحسن والحسين وجاريتهم فضة ، «ويخافون يوما كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا» يقول : شهوتهم للطعام وايثارهم مسكينا من مساكين المسلمين ويتيما من يتامى المسلمين واسيرا من اسارى المشركين ويقولون إذا اطعموهم : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) (٣).
__________________
(١) الغدير ج ٣ ص ١٠٨ نقلا عن الثعلبي وغيره من من الحفاظ والمحدثين وغاية المرام ص ٣٦٨.
(٢) الدهر : ٥ ـ ٦.
(٣) الدهر : ٩ ـ ١٠.