القائل بالاستحباب منهم بنى على التسامح في أدلّة السنن ، فإنّه طريقة الفقهاء.
فإذا لم يكن الحديث حجّة ، فكيف يعارض الحجج الكثيرة؟ فضلا عن أن يغلب عليها.
ومقتضى الأخبار وفتاوى الأخيار رجحان الكفّارة في وطئ الحائض من غير فرق بين أن تكون المرأة دائمة أو منقطعة ، حرّة أو أمة ، بل الأجنبيّة المشتبهة أو المزني بها أيضا ، وكذا الأمة لو وطئها سيّدها.
وقال الشيخ والصدوق : يتصدّق سيّدها بثلاثة أمداد (١) ، استنادا إلى بعض الروايات (٢).
ولو تكرّر الوطي فالأظهر تكرّر الكفّارة ، سيّما مع القول باستحبابها من جهة التسامح.
وإنّما قلنا الأظهر ، لأنّ أهل العرف يفهمون من قول : من فعل كذا فعليه كذا. وأمثاله ، تعدّد الجزاء عند تعدّد الشرط ، وأنّه متى تحقّق السبب يترتّب عليه مسبّبه ، وإن تعلّق المسبّب بذمّته بعد وجوب السبب ، فإذا حصل السبب الثاني ، فإمّا أن لا يكون من جملة الأسباب ، ولا داخلا في كلام المعصوم عليهالسلام فهو خارج عن محلّ النزاع جزما ، وإن كان هو أيضا سببا وداخلا في كلام المعصوم عليهالسلام لكونه أيضا وطئا في أوّل الحيض ، فإمّا أن لا يترتّب عليه شيء أصلا ، وهو ينافي السببيّة والدخول في كلامه بالبديهة ، أو يترتّب عليه خصوص شخص المسبّب الذي تعلّق بذمّته بسبب السبب الأوّل ، وبمجرّد وجوده ، وهذا أيضا ينافي السببيّة والدخول
__________________
(١) النهاية للشيخ الطوسي : ٥٧١ و ٥٧٢ ، المقنع : ٥١.
(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ١٦٤ الحديث ٤٧٠ ، الاستبصار : ١ / ١٣٣ الحديث ٤٥٨ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٢٧ الحديث ٢٢٦٨.