المقدّمة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
بعد أن كان الفقه هو عبارة عن مجموعة معيّنة من القوانين التي تنظّم الأعمال الفرديّة ، والأحوال الشخصيّة ، والروابط الاجتماعيّة للفرد ، مع ربّه ومع عباده ومجتمعه ، له في مذهب الإماميّة طوال تاريخه تلاطم وتصادم مقابل التيارات الحاكمة والأهواء المتشتّتة. ويكفي لإثبات ذلك تصفّح الرسائل العلميّة ، والمجاميع الفقهيّة المدوّنه خلال هذه الفترات الزمنيّة.
وما يعرف في يومنا هذا باسم «الفقه الإمامي» أو «فقه الإماميّة» ما هو إلّا حصيلة مدرسة الاعتدال ، وبلورة لما تمحّض من أفكارها ، وعصارة لما جمع من لباب آرائها.
وقد كانت ـ هذه المدرسة ـ بعيدة كلّ البعد عن التحجّر والجمود والقوقعة التي جاءتها من جهة ، وكذا كانت حريصة على التعبّد بالنصوص الشرعيّة ، والمبادئ الأصيلة ؛ مبتعدة عن الخروج من كلّ المسلّمات العلميّة الثابتة والمقرّرة ؛ بمعنى عدم مسّ القواعد الأصيلة ، والسنن الثابتة الإلهيّة ، بل وكلّ ما يشين تلك الاصول المسلّمة والمقدّسة في آن واحد.