والمتأخّرين إلّا نادر من متأخّرى المتأخّرين ، لشبهة ضعيفة. إلى أن قال : فإنا لله وإنا إليه راجعون في موت الفقه ، ألا ترى أنّ الشارح لا تكاد توجد مسألة فقهيّة خالية عن الاضطراب عنده!! (١)
وأنت ترى أنّ هذا الفقيه المتعمّق يرى أنّ الفهم الإجماعي للأصحاب أو ما هو مشهور عند هؤلاء هو بحكم القاعدة ، ولو أراد الفقيه أن يقف ويقاوم أمام كلّ ما ذهبوا إليه فقهاء السلف من الأدلّة لما بقى من الفقه ـ بل من الشرع ـ شيء أبدا ، خاصّة مع وجود روايات بيّنة وواضحة الدلالة أمامه ، ومع هذا فقد أعرض عنها وطرحها ، فيفيد أنّ إعراض المشهور عنده مهمّ جدّا ، وعدم الاعتناء به والفتوى بما أعرض عنه المشهور يوجب موت الفقه ، ويعتقد أن سالك مثل هذا المسلك ـ في النهاية ـ سيصل إلى وادي المخالفة مع القواعد العلميّة ، وحتّى البديهيّات الفقهيّة. بشكل قد يلتجئ إلى إنكار حجّية الظواهر ، أو الإغماض عن القواعد المعمولة في المرجّحات ، أو أن يتمسّك ـ مع وجود نصّ خاصّ ـ بالاصول العمليّة! أو أن يستنجد بالعقل في قبال النصّ. وغير ذلك.
وحريّ هنا ملاحظة بعض الموارد ؛ حيث إنّ المحقّق الأردبيلي رحمهالله قد صرّح في ذيل صحيحة أبي عبيدة الدالّة على جواز شراء الصدقات والخراجات بقوله : ولا يدلّ على جواز شراء الزكاة بعينها صريحا ، نعم ظاهرها ذلك ولكن لا ينبغي الحمل عليه لمنافاته للعقل والنقل (٢).
وصرّح المرحوم الوحيد ـ ابتداء ومعلّقا ـ بقوله : الظهور يكفي للاستدلال
__________________
(١) حاشية مجمع الفائدة والبرهان : ٧٢٥.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ / ١٠٢.