شاة ذبحنا شاة لا نريد أن تزيد على المائة» [١٩٧] (١).
(الْجاهِلُ) بأمرهم وحالهم (أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) من تعففهم عن السؤال ، والتعفف : [التفعل] من العفّة وهو الترك ، يقال : عفّ عن الشيء إذا كفّ عنه ، وعفيف إذا تكلّف في الإمساك.
قال رؤبة :
فعفّ عن إسرارها بعد الغسق
وقال محمد بن الفضل : يمنعهم علوّ همّتهم رفع جوابهم إلى مولاهم.
(تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) قرأ حمزة والكسائي بالإمالة. الباقون بالتفخيم ، والسيما والسيميا : العلّامة التي يعرف بها الشيء ، وأصلها من السّمة ، واختلفوا في السيميا التي يعرفون بها.
فقال مجاهد : هو التخشّع والتواضع. الربيع والسدي : أثر الجهد من الحاجة والفقر.
الضحاك : صفرة ألوانهم من الجوع والضر ، ابن زيد : رثاثة ثيابهم فالجوع خفي على الناس ، يمان : النحول والسكينة. الثوري : فرحهم بفقرهم واستقامة أحوالهم عند موارد البلاء عليهم ، [المرتضى] : غيرتهم على فقرهم وملازمتهم إياه. أبو عثمان : إيثار ما يملكون مع الحاجة إليه.
قال بعضهم : تطيب قلوبهم وبشاشة وجوههم وحسن حالهم ونور أسرارهم وجولان أرواحهم في ملكوت ربّهم.
(لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) قال عطاء : يعني إذا كان عنده غداء لا يسأل عشاء ، فإذا كان عنده عشاء لم يسأل غداء. وقال أهل المعاني : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) ولا غير إلحاف لأنّه قال (مِنَ التَّعَفُّفِ) ، والتعفف ترك السؤال أصلا وقال أيضا : (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) ولو كانت المسألة من شأنهم لما كان [للنبي صلىاللهعليهوسلم] إلى معرفتهم بالعلامة والدلالة حاجة ، إذ السؤال يغني عن حالهم وهذا كما قلت في الكلام : قال ما رأيت مثل هذا الرجل ، ولعلّك لم تر مثله قليلا ولا كثيرا ، قال الله عزوجل (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) (٢) وهم كانوا لا يؤمنون قليلا ولا كثيرا.
وأنشد الزجاج :
على لا حب لا يهتدى لمنارة (٣) |
|
إذا ساقه العود النباطي جرجرا (٤) |
__________________
(١) مسند أحمد : ٤ / ٣٣ ، والمستدرك : ٢ / ٢٣٣.
(٢) سورة البقرة : ٨٨.
(٣) لسان العرب : ١٥ / ٣٢١.
(٤) تفسير كنز الدقائق : ١ / ٦٦١.