سلعة ، فإذا ادّعى الإعسار لزمته البيّنة على الإعسار ؛ لأنّ الأصل فيه استغناؤه بحصول ما صار في يده ، وكلّ حق لزمه من غير حصول مال في يده كالمهر والضمان ، فإذا ادّعى الإعسار لزم ربّ المال أمامه البيّنة على كونه موسرا لأن الأصل في الناس الفقر ، وإذا لم يعلم له حالة استغناء كان الحكم فيه البقاء على أصل ما كان عليه إلى أن يتبيّن يساره.
وقال الحسن : إذا قال : أنا معدم ، فالقول قوله مع يمينه وعلى غرامه إظهار ماله ببيّنة أو عيان.
وكان أبو حنيفة يرى أن يحبس شهرين أو ثلاثة ثم يسأل عنه في السرّ ، فإنّ تبيّن أنّه معسر خلّى عنه.
ودليل من قال : لا يحبس ، حديث أبي سعيد الخدري قال : أصيب رجل في ثمار فكثر دينه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خذوا ما وجدتم ليس لكم إلّا ذلك».
وكان أبو هريرة على قضاء المدينة فأتاه رجل بغريم فقال : أريد أن تحبسه.
قال : هل تعلم له عين مال نأخذه منه فنعطيك؟
قال : لا ، قال : فهل تعلم له أصل مال فنبيعه ونعطيك؟
قال : لا ، قال : فما تريد ، قال : أريد أن تحبسه ، قال : «لكنّي ادعه يطلب لك ولنفسه وعياله فإذا أيسر لزمه قضاء الدين».
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من مشى إلى غريمه بحقّه صلت عليه دواب الأرض ونون الماء وكتب الله عزوجل بكلّ خطوة شجرة يغرس له في الجنّة وذنبا يغفر له فإنّ لم يفعل ومطل فهو متعدّ» [٢٠٤] (١).
أبو الزياد الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الظلم مطل الغنى فإذا اتبع أحدكم على ملئ فليتبع» [٢٠٥] (٢).
في فضل إنظار المعسر
زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من أنظر معسرا أو وضع له ، أظلّه الله في ظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه» (٣) ، وعن ابن عمر قال : قال رسول
__________________
(١) كنز العمال : ٦ / ٢٢٦ ح ١٥٤٦١.
(٢) مسند أحمد : ٢ / ٣١٥ ، وسنن ابن ماجة : ٢ / ٨٠٣ ح ٢٤٠٣.
(٣) سنن الترمذي : ٢ / ٣٨٥.