إلى أحكامه ، والحكمة مشيرة إلى فضله.
(وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) قرأ الربيع بن خيثم : توتي الحكمة ومن تؤت الحكمة بالتاء فيها.
وقرأ يعقوب وَمَنْ يُؤْتِ بكسر التاء أراد من يؤته الله. وقرأ الباقون (وَمَنْ يُؤْتَ) بفتح التاء على الفعل المجهول.
و (مَنْ) في محل الرفع على اسم ما لم يسم فاعله ، والحكمة خبرها. الحسن بن دينار عن الحسن في قوله : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) هو الورع في دين الله عزوجل.
(فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ) يتعظ (إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) ذوي العقول ، واللب من العقل ما صفا من دواعي الهوى.
(وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ) فيما فرض الله عليكم (أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ) أو ما أوجبتموه أنتم على أنفسكم فوفّيتم به.
والنذر نذران : نذر في الطاعة ، ونذر في المعصية. فإذا كان لله فالوفاء به واجب وفي تركه الكفّارة ، وما كان للشيطان فلا وفاء ولا كفارة.
(فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) ويحفظه حتّى يجازيكم به. وإنّما قال (يَعْلَمُهُ) ولم يقل يعلمها ؛ لأنّه ردّه إلى الآخر منها كقوله (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) (١). قاله الأخفش ، وإن شئت حملته على ما ، كقوله تعالى : (ما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ) (٢) ولم يقل بها.
(وَما لِلظَّالِمِينَ) الواضعين النفقة والنذر في غير موضعها بالرياء والمعصية (مِنْ أَنْصارٍ) أعوان يدفعون عذاب الله عزوجل عنهم ، والأنصار : جمع نصير ، مثل شريف وأشراف وحبيب وأحباب.
(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) وذلك أنهم قالوا : يا رسول الله صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية؟ فأنزل الله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ) أي تظهروها وتعلنوها (فَنِعِمَّا هِيَ) أي نعمت الخصلة هي. وما في محل الرفع و (هِيَ) لفظ في محل النصب كما تقول : نعم الرجل رجلا ، فإذا عرفت رفعت فقلت : نعم الرجل زيد.
فأصله نعم ما فوصلت وأدغمت ، وكان الحسن يقرأها فنعم ما مفصولة على الأصل ، وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع غير ورش وعاصم برواية أبي بكر. وأبو عمرو وأبو بحرية : فنِعْما بكسر النون وجزم العين ومثله في سورة النساء ، واختاره أبو عبيدة ذكر أنّها لغة النبي صلىاللهعليهوسلم قال لعمر بن
__________________
(١) سورة النساء : ١٢.
(٢) سورة البقرة : ٢٣١.