أجواف طير خضر تسرح في ثمار الجنّة ، وتشرب من أنهارها ، وتأوي بالليل إلى قناديل من نور معلقة تحت العرش» [٧] (١).
وقال الحسن : إن الشهداء أحياء عند الله تعرض أرزاقهم على أرواحهم فيصل إليهم الرّوح والفرح ، كما تعرض النّار على أرواح آل فرعون غداة وعشيا فيصل إليهم الوجع.
وقال أبو سنان السّلمي : أرواح الشهداء في قباب بيض من باب الجنّة في كلّ قبّة زوجتان ، رزقهم في كلّ يوم طلعت فيه الشمس نور وحوت ، فأما النور : ففيه طعم كلّ ثمرة في الجنة وامّا الحوت : ففيه طعم كلّ شراب في الجنّة.
قال قتادة في هذه الآية : كنّا نحدّث إنّ أرواح الشهداء تعارف في طير بيض يأكلن من ثمار الجنّة وإنّ مساكنهم السدرة المنتهى ، وإنّ للمجاهد في سبيل الله عزوجل ثلاث خصال : من قتل في سبيل الله منهم صار حيّا مرزوقا ، ومن غلب أتاه الله أجرا عظيما ، ومن مات رزقه الله رزقا حسنا.
عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «يعطى الشهيد ست خصال عند أول قطرة من دمه يكفّر عنه كل خطيئة ويرى مقعده من الجنّة ويزوّج من الحور العين ويؤمن من الفزع الأكبر ومن عذاب القبر ويحلّى بحلية الإيمان» [٨] (٢).
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) ولنختبرنّكم يا أمّة محمّد.
(بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ) الآية ، قال ابن عبّاس : الخوف يعني خوف العدو ، والجوع يعني المجاعة والقحط.
(وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) يعني الخسران والنّقصان في المال ، وهلاك المواشي (وَالْأَنْفُسِ) يعني الموت والقتل ، وقيل : المرض وقيل : الشيب.
(وَالثَّمَراتِ) يعني [الحوائج] ، وأن لا تخرج الثمرة كما كانت تخرج ، وقال الشافعي : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) يعني خوف الله عزوجل (وَالْجُوعِ) صيام شهر رمضان ، (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) أداء الزّكاة والصّدقات ، (وَالْأَنْفُسِ) الأمراض ، (وَالثَّمَراتِ) موت الأولاد ؛ لأن ولد الرجل ثمرة قلبه يدلّ عليه ما روى عبد الله بن المبارك عن حماد بن سلمه عن أبي سنان قال : دفنت ابني سنانا ، وأبو طلحه الخولاني على شفير القبر جالس ، فلمّا أردت الخروج أخذ بيدي فانشطني وقال : ألا أبشّرك يا أبا سنان؟
__________________
(١) مجمع الزوائد : ٥ / ٢٩٨ ، والمعجم الكبير للطبراني : ٩ / ١٨٣.
(٢) مسند أحمد : ٤ / ٢٠٠ ، ومجمع الزوائد : ٥ / ٢٩٣.