واللغو واللغاء في الكلام ما لا خير فيه ولا معنى له ، ونظيره في اللغة صفو فلان معك وصفاه ، قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) وقال تعالى : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً) قال أمية :
فلا لغو ولا تأثيم فيها |
|
وما فاهوا به لهم مقيم (١) |
وقال العجّاج :
وربّ أسراب الحجيج الكظّم |
|
عن اللغا ورفث التكلّم (٢) |
واختلف العلماء في لغو اليمين المذكور في هذه الآية ، فقال قوم هو ما يسبق به لسان الإنسان من الايمان على سرعة وعجلة ليصل به كلامه من غير عقد ولا قصد ، مثل قول القائل : لا والله وبلى والله وكلّا والله ونحوها ، فهذا لا كفارة فيه ولا إثم.
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) قالت : قول الإنسان لا والله وبلى والله ، وعلى هذا القول الشعبي وعكرمة ومجاهد في رواية الحكم ، وقال الفرزدق :
ولست بمأخوذ بلغو تقوله |
|
إذا لم تعمد صاغرات العزائم (٣) |
وقال آخرون : لغو اليمين هو أن يحلف الإنسان على الشيء يرى أنه صادق فيه ثم يتبيّن أنه خلاف ذلك ، فهو خطأ منه من غير عمد ، ولا كفارة عليه ولا إثم ، وهو قول الزهري والحسن وسليمان بن يسار وإبراهيم النخعي وأبي مالك وقتادة والربيع وزرارة بن أوفى ومكحول والسدي وابن عباس في رواية الوالبي ، وعن أحمد برواية ابن أبي نجيح.
وقال علي وطاوس : اللغو اليمين في حال الغضب والضجر من غير عزم ولا عقد ، ومثله روى عطاء عن وسيم عن ابن عباس ، يدلّ عليه قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا يمين في غضب» [١٣٥] (٤). وقال بعضهم : هو اليمين في المعصية لا يؤاخذ به الله عزوجل في الحنث فيها ، بل يحنث في يمينه ويكفّر ، قاله سعيد بن جبير ، وقال غيره : ليس فيه كفارة.
وقال مسروق : في الرجل الذي يحلف على المعصية ليس عليه كفّارة. الكفر عن خطوات الشيطان ، ومثله روى عكرمة عن ابن عباس ، وقال الشعبي : في الرجل الذي يحلف على المعصية كفارته أن يتوب منها ، فكل يمين لا يحل لك أن تفي بها فليس فيها كفارة ، فلو أمرته بالكفارة لأمرته أن يتم على قوله ، يدلّ عليه ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول
__________________
(١) لسان العرب : ١٢ / ٦.
(٢) الصحاح : ١ / ٢٨٣.
(٣) مفردات غريب القرآن : ٤٥٢ ، وفيه : عاقدات العزائم ، وكذا في تفسير القرطبي.
(٤) جامع البيان للطبري : ٢ / ٥٥٦.