فنُحْكِمُ بالقَوافِي مَن هَجانا |
|
ونَضْرِبُ حِينَ تَخْتَلِطُ الدِّماءُ (١) |
وذَهَبَ الأخْفَشُ إلى أنَّهُ أَرادَ بالقَوافِي هنا الأبْياتَ.
قالَ ابنُ جنِّي : ولا يمْتنِعُ عنْدِي أنَّه أَرادَ القَصائِدَ كقولِ الخَنْساء :
وقافِيَةٍ مِثْلِ حَدِّ السِّنا |
|
نِ تَبْقى وتَهْلِك مَنْ قالَها (٢) |
تَعْنِي قَصِيدَةً.
وقالَ آخَرُ :
نُبِّئْتُ قافِيَةً قِيلَتْ تَناشَدَها |
|
قَوْمٌ سأَتْرُكَ في أَعْراضِهِم نَدَبا |
وإذا جازَ أَن تسمَّى القَصِيدَة كُلَّها قافِيَة كانت تَسْمِيَة الكَلِمَةِ والبَيْت والقَصِيدَةِ قافِيَةً إنَّما هو على إرادَةِ ذُو القافِيَةِ ، وبه خَتَمَ ابنُ جنِّي رأْيَهُ في تَسْمِيتِهم الكُلَّ قافِيَة.
وقال الأزْهرِي (٣) : العَرَبُ تُسمّي البَيْتَ من الشِّعْر قافِيَةً ، ورُبَّما سَمّوا القَصِيدَةَ قَافِيَةً ؛ ويقولونَ : رَوَيْت لفلانٍ كذا وكذا قافِيَة.
والقِفْوَةُ ، بالكسْرِ : الذَّنْبُ ؛ ومنه المَثَلُ : رُبَّ سامِعٍ عِذْرَتي لم يَسْمَعْ قِفْوتي ؛ العِذْرَةُ : المَعذِرَةُ ، أَي رُبَّما اعْتَذَرْت إلى رجُلٍ من شيءِ قد كان منِّي وأَنا أظنُّ أن قد بَلَغَه ولم يكُنْ بلَغَه ، يُضْرَبُ لمَنْ لا يَحْفَظ سِرّه ولا يَعْرف عَيْبَه.
أَو القِفْوَةُ : أَنْ تقولَ للإنْسانِ ما فيه وما ليسَ فيه.
وأَقْفاهُ عليه : أَي فضَّلَه ؛ ومنه قولُ غَيْلان الرّبعي يصِفُ فَرَساً :
مُقْفًى على الحَيِّ قَصِيرَ الأَظْماء
وأَقْفاهُ به : خَصَّهُ به ومَيَّزَه.
وفي المُحْكم : اخْتَصَّه.
والقَفِيَّةُ ، كغَنِيَّةٍ : المَزِيَّةُ تكونُ لكَ على الغَيْرِ ، تقولُ : له عنْدِي قَفِيَّةً ومَزِيَّةٌ إذا كانتْ له مَنْزلَةٌ ليسَتْ لغيرِهِ.
ويقالُ : أَقْفَيْته ، ولا يقالُ : أَمْزَيْته.
والقَفِيُّ ، كغَنِيِّ : الحَفِيُّ المُكْرم له. وأَنا قَفِيُّ به : أَي حفيٌّ.
والقفي : الضَّيْفُ المُكْرَمُ لأنَّهُ يُقْفَى بالبرِّ واللّطْفِ ، فهو فَعِيلٌ بمعْنَى مَفْعولٍ.
والقَفِيُّ : ما يُكْرَمُ به الضَّيْفُ من الطَّعَامِ.
وفي الصِّحاح : الشيءُ يُؤْثَرُ به الضَّيْفُ والصَّبيّ ؛ وأَنْشَدَ لسَلامةَ بنِ جَنْدلٍ يصِفُ فَرَساً :
ليس بأسْفى ولا أَقْنى ولا سَغِلٍ |
|
يُسْقي دَواء قَفِيّ السَّكْنِ مَرْبُوب (٤) |
وإنَّما جُعِلَ اللَّبَنُ دَواءً لأنَّهم يُضَمِّرُونَ الخَيْلَ لسَقْي اللَّبَنِ والحَنْذ ، انتَهَى. ورَوَى بعضُهم هذا البَيْت يُسْقى دِوَاء ، بكَسْرِ الدالِ ، مَصْدَر دَاوَيْته.
وقالَ أَبو عبيدٍ : اللّبَن ليسَ باسْمِ القَفِيِّ ، ولكنَّه كانَ رُفِعَ لإنْسانٍ خُصَّ به يقولُ فآثَرْت به الفَرَسَ.
وقالَ اللّيْثُ : قَفِيُّ السَّكْنِ : ضَيْفُ أَهْلِ البَيْتِ.
وأَقْفَى : أَكَلَها ، أَي القَفِيَّة والقَفِيُّ : خِيرَتُكَ مِن إخْوانِكِ ، أَو المُتَّهَمُ منهم ؛ ضِدٌّ.
وتَقَفَّى به : أي تَحَفَّى (٥) به ؛ والاسْمُ : القَفاوَةُ ، بالفَتْحِ.
واقْتَفَى به : اخْتَصَ ، أَي خَصَّ نَفْسَه به ؛ قالَ الشاعِرُ :
ولا أَتَحَرَّى وِدَّ مَنْ لا يَوَدُّني |
|
ولا أَقْتَفِي بالزادِ دُونَ زَمِيلِي |
__________________
(١) ديوانه ط بيروت ص ٩ واللسان.
(٢) ديوانها ط بيروت ص ١٢٢ برواية : «ويذهب» بدل : «وتهلك» والمثبت كرواية اللسان والتهذيب وفيهما : «ويهلك».
(٣) كذا الأصل نقلاً عن اللسان ، والعبارة في التهذيب نقلها الأزهري بقوله : وقال غيره ، يعني غير أبي عبيد.
(٤) المفضلية رقم ٢٢ البيت ١٥ برواية : «يعطى دواء» واللسان والمقاييس ٥ / ١١٣ وعجزه في التهذيب والصحاح.
(٥) على هامش القاموس عن نسخة : حَفي.